سورة الرحمن
مكية، ست وسبعون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) هذه السورة مقصورة على بيان نِعَم الدارين التي لها شأن؛ لأن إحصاء الكل محال؛ فلذلك صدرها بالاسم الدال على جلائل النعم براعة للاستهلال، وبدأ بأجلها وهي نعم الدين، ثم اختار أعلاها شأناً وأسناها مكاناً وهي القرآن الحاوي لأصول الدين وفروعه الموضح للسبل، المصدق لسائر الكتب والرسل. ولما كان كمال الإنسان في تكميل قوته النظرية، وهو الغاية المطلوبة من خلقه؛ قدم تعليم القرآن، ثم أردفه بما يتوقف عليه بقوله:(خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير الذي لا يمكن تعلم القرآن وتعليمه إلا به. وأتى بالجمل الثلاث على نمط التعديد؛ إشارة إلى تقاعد الإنسان عن الوفاء بشكرها كما تقول فيمن قصر في مكافأة معروفك: " يا هذا كنت
صغيراً ربيتك، محتاجاً أعطتك، ضائعاً آويتك ". ثم بعد قضاء الوطر من هذا الأسلوب، أفاض في تعداد النعم واحدة إثر أخرى على النمط المعروف بحرف النسق مراعياً التقارب والتناسب بقوله: