وفي الهمز أنحاء وعند نحاته يضيء سناه كلّما اسودّ أليلا
أي روي في تخفيف الهمز وجوه كثيرة وطرائق متعددة، والأنحاء المقاصد والطرائق واحدها نحو: وهو القصد والطريقة وقد ذكر الناظم رحمه الله من تلك الطرق أشهرها وأقواها لغة ونقلا، وقد ذكر شيئا من الأوجه الضعيفة ونبه على كثرة ذلك في كتب غيره
والهاء في نحاته وسناه للهمز أي يضيء ضوءه عند النحاة لمعرفتهم به وقيامهم بشرحه كل ما اسود عند غيرهم لأن الشيء الذي يجهل كالمظلم عند جاهله واستعار الإضاءة للوضوح عند العلماء والاسوداد للغموض عند الجاهلين، والأليل: الشديد السواد يقال ليل أليل ولائل:
أي شديد الظلمة.

باب الإظهار والإدغام


قدم الإظهار على الإدغام لأنه الأصل وهذا الإدغام هو الإدغام الصغير وأخره أول باب الإمالة وهو إدغام الحروف السواكن فيما قاربها. ثم ذكر مقدمة فقال:
سأذكر ألفاظا تليها حروفها بالإظهار والإدغام تروى وتجتلا
وعد رحمه الله بذكر ألفاظ يرتب أحكامها عليها والألفاظ هي الكلمات التي تدغم أواخرها السواكن هي لفظ إذ وقد وتاء التأنيث وهل وبل وقوله تليها حروفها أي يتبع كل لفظ منها الحروف التي تدغم أواخر هذه الألفاظ فيها وتظهر على اختلاف القراءة في ذلك، وإنما يذكر تلك الحروف في أوائل كلمات على حد ما مضى في شفا لم تضق وللدال كلم ترب سهل ونحو ذلك، وقوله: تروى أي تروى بالإظهار والإدغام وتجتلا أي وتكشف في كتب القراءات.
فدونك إذ في بيتها وحروفها وما بعد بالتّقييد قده مذلّلا
فدونك أي خذ إذ في بيتها وحروفها في أوائل الكلم التي تليها يعني أنه يذكر إذ وحروفها بعدها في بيت واحد، وقوله: وما بعد بالتقييد قده مذللا أي وما بعد البيت
الذي فيه إذ وحروفها قده إليك منقادا بالتقييد الذي تقدم ذكره أو بالتقييد الآتي ذكره فأما بالتقييد الذي تقدم ذكره فهو أنه إذا قال أظهر لفلان فإن الباقين يتعين لهم الإدغام وإذا قال أدغم لفلان فإن الباقين يتعين لهم الإظهار ومعنى قده مذللا أي خذ مسهلا بسبب التقييد الذي أبينه به وهو من قولهم بعير مذلل إذا كان سهل الانقياد وهو الذي خزم في أنفه ليطاوع قائده، وأما التقييد الآتي ذكره فهو قوله:
سأسمي وبعد الواو تسمو حروف من تسمّى على سيما تروق مقبّلا
اعلم أن هذه الترجمة تخالف بعض الترجمة الأولى التي بنيت عليها القصيدة أعني قوله: ومن بعد ذكري الحرف أسمي رجاله، فلأجل ذلك احتاج إلى بيانها لأن القاعدة في الرمز الصغير إذا انفرد إنما يذكره بعد حرف القرآن وتقييده في الغالب. وفي هذا الباب الأمر بالعكس أول ما يذكر أسماء القراء إما رمزا وإما صريحا ثم يأتي بعدها بواو فاصلة إيذانا بأن القراء انقضت رموزهم ثم يأتي بعد الواو بالحرف المختلف في الإظهار والإدغام فيه لمن تقدم ذكره قبل الواو، فقوله سأسمي معناه سأذكر أسماء القراء، ثم آتي بالواو ثم آتي بعد الواو بحروف من سميت من القراء يعني التي يظهر ذلك القارئ نحو ذال إذ عندها أو يدغم. واعلم أن هذا إنما يفعله فيمن لم يطرد أصله في إظهار


الصفحة التالية
Icon