وعند حروف الحلق للكل أظهرا ألا هاج حكم عمّ خاليه غفّلا
أخبر أن النون الساكنة والتنوين أظهرا لكل القراء السبعة إذا كان بعدهما أحد حروف الحلق وسواء كان ذلك في كلمة أو في كلمتين، ثم بين حروف الحلق بأوائل هذه الكلمات وهي الهمزة من قوله: ألا والهاء من قوله هاج والخاء من قوله حكم والعين من قوله عم والخاء من قوله خاليه والغين من قوله غفلا، فمثال النون الساكنة والتنوين عند الهمزة من آمن وكل آمن وينأون وعند الهاء من هاجر وجرف هار ومنها وعنها وعند الحاء مَنْ حَادَّ اللَّهَ [المجادلة: ٢٢] ونارٌ حامِيَةٌ [القارعة: ١١] ولِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: ٢]، وعند العين وَمَنْ عاقَبَ [الحج: ٦٠] وبُكْمٌ عُمْيٌ [البقرة: ١٨] وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: ٧]، وعند الخاء من خزي يومئذ ويومئذ خاشعة والمنخنقة وعند الغين من غل قولا غير فسينغضون وشبه ذلك:
وقلبهما ميما لدى البا وأخفيا على غنّة عند البواقي ليكملا
أخبر أن النون الساكنة والتنوين يقلبان ميما عند الباء لجميع القراء إذا وقعت الباء بعدهما نحو من بعدهم وأنبئهم وصُمٌّ بُكْمٌ [البقرة: ١٨]، وقوله: وأخفيا على غنة إلخ الإخفاء حالة بين الإظهار والإدغام وهو عار من التشديد. أخبر أن النون الساكنة والتنوين يخفيان مع بقاء غنتهما عند باقي حروف المعجم غير الثلاثة عشر المتقدمة
وهي ستة الإدغام وستة الإظهار وواحد للقلب فالذي بقي من حروف المعجم خمسة عشر حرفا جمعتها في أوائل كلمات هذا البيت فقلت:
تلائم جادر ذكا زاد سل شذا صفا ضاع طاب ظل في قرب كملا
وهي التاء والتاء والجيم والدال والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والفاء والقاف والكاف فهذه حروف الإخفاء لا خلاف بين القراء في إخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الحروف وسواء اتصلت النون بهن في كلمة أو انفصلت عنهن في كلمة أخرى، فالإخفاء عند التاء نحو من تحتها وينتهون وجنات تجري، وعند الثاء نحو من ثمرة ومنثورا وجميعا ثم، وعند الجيم إن جاءكم فأنجيناكم وشيئا جنات وعند الدال نحو من دابة وأندادا وقنوان دانية وعند الذال نحو من ذكر ومنذرون وسراعا ذلك وعند الزاي فإن زللتم فأنزلنا ويومئذ زرقا، وعند السين أن سلام ومنسأته وعظيم سماعون، وعند الشين نحو
من شاء وينشأ وعليم شرع وعند الصاد نحو أن صدوكم وينصركم ورِيحاً صَرْصَراً [القمر: ١٩]، وعند الضاد نحو إن ضللت ومنضود وقوما ضالين وعند الطاء نحو وإن طائفتان وينطقون وقَوْماً طاغِينَ [الصافات: ٣٠]، وعند الظاء نحو إِنْ ظَنَّا [البقرة:
٢٣٠]، وينظرون وقوما ظلموا وعند الفاء نحو وإن فإنكم وانفروا وعمى فهم وعند القاف نحو لئن قلت ومنقلبون وشيء قدير وعند الكاف نحو من كان وينكثون وعادا كفروا وشبه ذلك فذلك خمسة عشر حرفا وخمسة وأربعون مثالا للإخفاء. وقوله: ليكملا أي الأحكام:

باب الفتح والإمالة وبين اللفظين


أي فتح الصوت لا الحرف والفتح هنا ضد الإمالة، وقدمه لأنه الأصل والإمالة فرع عنه فكل ما يمال يجوز فتحه وليس كل ما يفتح يجوز إمالته لأن الإمالة لا تكون إلا لسبب من الأسباب، وهي


الصفحة التالية
Icon