سُورَةُ النَّمْلِ
وهي مَكِّيَّة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦)قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (طس): قد ذكرنا فيما تقدم تأويل الحروف المعجمة وأقاويل الناس فيها؛ وكذلك الآيات قد ذكرناها.
وقوله: (وَكِتَابٍ مُبِينٍ): يحتمل قوله: (مُبِينٍ) أي: بين واضح؛ لأن (أبان) قد يستعمل في موضع (بان)، يقال: بانَ وأبان.
ويحتمل: (وَكِتَابٍ مُبِينٍ) أي: يبين أنه رسول من اللَّه، أو يبين ما لله عليهم، أو ما لبعضهم على بعض، أو ما لهم وما عليهم.
وقوله: (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)
قوله: (هُدًى) يحتمل وجهين:
أحدهما: دعاء؛ كقوله: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) أي: داع يدعو الخلق إلى توحيد الله تعالى؛ فعلى ذلك يحتمل قوله: (هُدًى) أي: دعاء، يدعوهم إلى توحيد اللَّه تعالى، فإن كان هذا فهو للناس كافة.
والثاني: جائز أن يريد بالهدى: الهدى الذي هو نقيض الضلال وضده، فهو للمؤمنين خاصة، وإن كان أراد به البيان والدعاء فهو للكل.
وقوله: (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي: يدعوهم إلى الإيمان باللَّه وبرسوله، فإذا آمنوا كان لهم بشرى.
ثم نعت المؤمنين ووصفهم فقال: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ... (٣) يحتمل قوله: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) أي: يقرون بهما ويؤمنون؛ لأن من الناس من كان يؤمن بالله وبرسوله، لكنهم أبوا الإيمان بالصلاة والزكاة؛ كقوله: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ). لا يحتمل أن يأمرهم بحبسهم إلى أن تمضي السنة فتجب الزكاة عليهم فيؤتون، فحينئذ يخلون سبيلهم، ولكن الأمر بحبسهم إلى أن يقروا بها ويؤمنوا، فيخلون عند ذلك سبيلهم.