سورة الشعراء (١ ٤)
سورة الشعراء مكية إلا الآيات ١٩٧ ومن آية ٢٢٤ إلى آخر السورة فمدنية وآياتها ٢٢٧
﴿بِسْمِ اللهِ الرحمن الرحيم﴾
﴿طسم﴾ بتفخيمِ الألف وبإمالتِها وإظهارِ النُّونِ وبإدغامِها في الميمِ وهو إمَّا مسرودٌ على نمطِ التعديدِ بطريقِ التَّحدِّي على أحدِ الوجهينِ المذكورينِ في فاتحة البقرةِ فلا محلَّ له من الإعرابِ وإمَّا اسمٌ للسورة كما عليه الإطباق الأكثرِ فمحلُّه الرفعُ على أنَّه خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ وهو أظهرُ من الرَّفع على الابتداءِ وقد مرَّ وجهُه في مطلعِ سُورة يونسَ عليه السَّلامُ أو النصبُ بتقديرِ فعلِ لائقٍ بالمقام نحوُ اذكُر أو اقرأْ وتلكَ في قولِه تعالى
﴿تلك آيات الكتاب المبين﴾ إشارةٌ إلى السُّورة سواءٌ كانَ طسم مسروداً على نمطِ التعديدِ أو اسماً للسُّورة حسبما مرَّ تحقيقُه هناك وما في إسمِ الإشارةِ من معنى البُعد للتنبيه على بُعد منزلةِ المشارِ إليه في الفخامةِ ومحلُّه الرفعُ على أنه مبتدأ خبرُه ما بعَدُه وعلى تقديرِ كونِ طسم مبتدأً فهو مبدأ ثانٍ أو بدلٌ من الأَّولِ والمرادُ بالكتابِ القرآنُ وبالمبينِ الظَّاهرُ إعجازُه على أنه من أبان بمعنى بانَ أو المُبينُ للأحكامِ الشَّرعيةِ وما يتعلَّقُ بها أو الفاصلِ بين الحقِّ والباطلِ والمعنى هي آياتٌ مخصوصةٌ منه مترجمةٌ باسمِ مستقلٍ والمرادُ ببيانُ كونِها بعضا منه وصفُها بما اشتُهر به الكُلُّ من النُّعوتِ الفاضلةِ
﴿لَعَلَّكَ باخع نَّفْسَكَ﴾ أي قاتلٌ وأصلُ البَخعِ أنْ يبلغَ بالذَّبحِ النُّخاعَ وهو عرقٌ مستبطنُ الفقارِ وذلك أقصى حدِّ الذَّبحِ وقُرىء باخِعُ نفسِك على الإضافةِ ولعل للإشتفاق أي أشفقْ على نفسِك أنْ تقتلَها حسرةً على ما فاتَك من إسلامِ قومِك ﴿أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي لعدمِ إيمانِهم بذلكَ الكتابِ المبينِ أو خيفةَ أنْ لا يُؤمنوا به وقوله تعالى
﴿إِن نَّشَأْ﴾ الخ استئنافٌ مَسوقٌ لتعليلِ ما يُفهم من الكلام من النَّهي عن التَّحسرِ المذكور ببيانِ أنَّ إيمانَهم ليس ممَّا تعلَّقتْ به مشيئةُ الله تعالى حتماً فلا وجهَ للطَمعِ فيه والتَّألمِ من فواتِه ومفعولُ المشيئةِ محذوفٌ لكونه مضمونَ الجزاءِ أعني قوله تعالى ﴿نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ من السماء آية﴾ أي ملجئةً لهم إلى الإيمانِ قاسرةً عليه وتقديمُ الظَّرفينِ على المفعول الصَّريحِ لما مر مرارا من الإهتمام بالمقدم


الصفحة التالية
Icon