سُورَةُ النَّازِعَاتِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) ﴾
﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تَنْزِعُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، كَمَا يُغْرِقُ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ فَيَبْلُغُ بِهَا غَايَةَ الْمَدِّ بَعْدَ ما نزعها حنى إِذَا كَادَتْ تَخْرُجُ رَدَّهَا فِي جَسَدِهِ فَهَذَا عَمَلُهُ بِالْكُفَّارِ، وَ"الْغَرْقُ" اسْمٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْإِغْرَاقِ، أَيْ: وَالنَّازِعَاتِ إِغْرَاقًا، وَالْمُرَادُ بِالْإِغْرَاقِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَدِّ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَنْزِعُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ [وَأَعْوَانُهُ] (٢) مِنْ تَحْتِ كُلِّ شَعْرَةٍ وَمِنَ الْأَظَافِيرِ وَأُصُولِ الْقَدَمَيْنِ (٣) [وَيُرَدِّدُهَا فِي جَسَدِهِ بَعْدَمَا يَنْزِعُهَا] (٤) حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَخْرُجُ ردها في سجده بَعْدَمَا يَنْزِعُهَا، فَهَذَا عَمَلُهُ بِالْكُفَّارِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَعْوَانُهُ يَنْزِعُونَ [أَرْوَاحَ] (٥) الْكُفَّارِ كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ الْكَثِيرُ الشُّعَبِ مِنَ الصُّوفِ الْمُبْتَلِّ، فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ كَالْغَرِيقِ فِي الْمَاءِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَوْتُ يَنْزِعُ النُّفُوسَ (٦).

(١) أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة النازعات بمكة. انظر: الدر المنثور: ٨ / ٤٠٣.
(٢) ساقط من "ب".
(٣) انظر: الطبري: ٣٠ / ٢٧.
(٤) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٥) في "ب" روح.
(٦) انظر الطبري: ٣٠ / ٢٧.


الصفحة التالية
Icon