مقدّمة

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٤)
والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد سيّد الأوّلين والآخرين، وعلى آله الطّيّبين الطّاهرين، وصحابته الغرّ الميامين من الأنصار والمهاجرين، والتّابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فإنّ خير الكلام كلام الله، وإنّ خير العلوم ما اتّصل بخدمة هذا الكلام الذي احتواه القرآن الكريم. وقد كان من فضل الله ومنّه عليّ أن كان موضوع رسالتي في الماجستير متّصلا بخدمة هذا الكتاب العزيز، وأردت أن يكون من تمام هذا الفضل أن يأتي موضوع أطروحة الدكتوراه في السّياق نفسه، فاخترت موضوعا غير هذا له صلة بخدمة الكتاب الكريم، ولكنّ أستاذي المشرف رحمه الله أشار عليّ في حينها أن أتابع مسيرة التّحقيق التي بدأتها في الماجستير، وأن يكون موضوعها ذا صلة بعلوم القرآن، وبعد استشارة كثير من أساتذتي الأجلاء، نصحني جلّهم بموافقة رأي أستاذي المشرف، فكان هذا الموضوع المتّصل بتحقيق أثر قيّم من كتب التّفسير هو (درج الدّرر في تفسير القرآن العظيم) الذي أجمعت نسخه المخطوطة على نسبته إلى إمام العربيّة في زمانه الشّيخ عبد القاهر الجرجانيّ. وبسبب كبر حجم المخطوط كان الرّأي أن يقتصر موضوع هذه الأطروحة على نصف الكتاب، وذلك من أول المصحف إلى آخر سورة يونس. وكان النّصف الثاني موضوع أطروحة دكتوراه أخرى لأخ فاضل في كلية العلوم الإسلامية، ولكنّ الظروف التي طرأت فيما بعد جعلت كلّيّته توافق على ما اقترحه أستاذه المشرف بحذف ما بعد سورة السّجدة من عمله.
وقد حصلت على ثلاث من النّسخ المخطوطة للكتاب مصوّرة من مكتبة الجامعة الأردنية، لحقتها الرّابعة من مكتبة الأسكوريال بإسبانيا، وذلك كلّه كان بجهود كريمة مشكورة من الشّيخ المحقّق الدكتور محمد شكور امرير، وولده الأديب محمد أديب الذي يشاركني في تحقيق الكتاب، فمعظم الجزء الثاني منه هو موضوع أطروحته للدكتوراه التي توشك على الإنجاز بإذن الله.
وبعد إقرار اللّجنة العلميّة في قسم اللّغة العربيّة الموضوع، بدأت متوكّلا على الله عزّ وجلّ، العمل الجادّ لإنجاز دراسة الكتاب وتحقيقه، وإخراجه بأفضل صورة ممكنة رغم الظّروف الصّعبة التي أدّت إلى قلّة المصادر التي أحتاج إليها في توثيق نصوص الكتاب، وتخريج الأقوال الكثيرة فيه،


الصفحة التالية
Icon