سُورَةُ عَبَسَ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) ﴾
﴿عَبَسَ﴾ كَلَحَ ﴿وَتَوَلَّى﴾ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ. ﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [أَيْ: لِأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى] (٢) وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ الْفِهْرِيُّ مِنْ بني عامر بَنِي لُؤَيٍّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُنَاجِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، وَأَخَاهُ أُمَيَّةَ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، يَرْجُو إِسْلَامَهُمْ، فَقَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: [يَا رَسُولَ اللَّهِ] (٣) أَقْرِئْنِي وَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِ وَيُكَرِّرُ النِّدَاءَ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى ظَهَرَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَطْعِهِ كَلَامَهُ، وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: يَقُولُ هَؤُلَاءِ الصَّنَادِيدُ: إِنَّمَا أَتْبَاعُهُ الْعِمْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَالسَّفَلَةُ، فَعَبَسَ وَجْهُهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ يُكَلِّمُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْرِمُهُ، وَإِذَا رَآهُ قَالَ: مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي، وَيَقُولُ لَهُ: هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ (٤) فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ عَلَيْهِ دِرْعٌ وَمَعَهُ

(١) أخرج ابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس قال: نزلت سورة عبس بمكة. انظر: الدر المنثور: ٨ / ٤١٥.
(٢) ما بين القوسين زيادة من "ب".
(٣) ما بين القوسين زيادة من "ب".
(٤) انظر: الواحدي في أسباب النزول صفحة (٥١٧). وقال ابن حجر في "الكافي الشاف" صفحة (١٨١) :"ذكره الثعلبي بلا إسناد، وأخرجه ابن أبي حاتم من رواية العوفي عن ابن عباس نحوه دون قوله: (صناديد قريش) ودون سياق نسب ابن أم مكتوم، وكذا أخرجه الطبري من رواية سعيد عن قتادة. قال: ذكر لنا.." فذكره. وانظر الروايات في الصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي صفحة (١٦٩).


الصفحة التالية
Icon