أي: في حكمه، فعلى هذا معناه: لتكون لهم الحجة عليكم عند الله في الدنيا والآخرة. ويحتمل: أنه أراد عند ربكم في الآخرة؛ لأنهم يقولون لكم: يا معشر اليهود آمنا بمحمد ولم نقرأ صفته، وكفرتم به بَعْد أن وقفتم على صِدقه في التوراة. ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أفليس لكم ذهن الإنسانية (١). وهذا من كلام رؤسائهم لهم في لومهم إياهم، فقال الله تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ أي: من التكذيب ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ من التصديق.
٧٨ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ قال أبو إسحاق: معنى الأمي في اللغة: المنسوب إلى ما عليه جبلّة (٢) الأمة: أي: لا يكتب، فهو في أنه لا يكتب على ما ولد عليه (٣).
وقال غيره: قيل للذي لا يكتب: أمِّي؛ لأن الكتابة مكتسبة، فكأنه نُسِبَ إلى ما ولد عليه، أي: هو على ما ولدته أمّه.
وقال ابن الأنباري: إنما سمّي الذي لا يكتب، ولا يقرأ: أمّيّاً؛ لأنه نسب إلى أمّه، إذ كان النساءُ لا يكتبن في ذلك الدّهر (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَمَانِىَّ﴾ جَمْعُ أُمْنِيّة، وأُمْنِيَّة في الأَصْلِ. أُمْنُوية
(٢) في (ش): (حيلة).
(٣) "معاني القرآن" ١/ ١٥٩. وفي "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ مادة (أم) النص هكذا: معنى الأمي في اللغة المنسوب إلى ما عليه جبلته أمه.
(٤) ينظر. "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٤ - ٢٠٥، و"المحيط في اللغة" للصاحب بن عباد ١٠/ ٤٥٩، "تفسير القرطبي" ٢/ ٤، و"اللسان" ١/ ١٢٣.