وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أي: الصوم خيرٌ لكم، فالجملة ابتداء وخبر.
والمعنى: والصوم خيرٌ لكم من الإفطار والفدية، وهذا إنما كان خيرًا لهم قبل النسخ، وبعد النسخ فلا يجوز أن يقال: الصوم خيرٌ من الإفطار والفدية (١).
١٨٥ - قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ الآية، الشهر: مأخوذ من الشهرة، تقول شَهَرَ الشيء يَشْهَرُه شَهْرًا: إذا أظهره، وسمي الشَّهْرُ شهرًا لشهرة أمره في حاجة الناس إليه في معاملاتهم، ومحل ديونهم، وقضاء نسكهم في صومهم وحجهم وغير ذلك من أمورهم.
قال الليث: والشهر: ظهور الشيء، وسمي (٢) الهلال شهرًا، قال ابن الأعرابي: لأنه يشهر به (٣).

= عمم بقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض، فإن جمع الصوم مع الفدية من تطوع الخير، وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع الخير، وجائز أن يكون الله -تعالى ذكره- عنى بقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، أيَّ هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه فهو خير له؛ لأن كل ذلك من تطوع الخير ونوافل الفضل. وقد ذكر ابن العربي ١/ ٨٠ قول من قال: (فمن تطوع)، أي: زاد على طعام مسكين، وقيل: من صام، وهذا ضعيف؛ لقوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾. معناه: الصوم خير من الفطر في السفر، وخير من الإطعام، وتحقيق ذلك أن الصوم الفرض خير من الإطعام النفل، والصدقة النفل خير من الصوم النفل.. اهـ
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٣.
(٢) في (م): (ويسمى).
(٣) نقله عنه في "اللسان" ٤/ ٢٣٥١ (شهر).


الصفحة التالية
Icon