يبشِّرك بهذا الولد، وجيهاً في الدنيا والآخرة. والفرَّاء (١) يسمي هذا قطْعاً، كأنه: كان (٢) عيسى بن مريم الوجيه، قُطِع منه التعريف (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾. أي: إلى ثواب الله وكرامته.
٤٦ - قوله تعالى: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾ موضع ﴿وَيُكَلِّمُ﴾ منصوب؛ في التأويل بالنَّسَقِ (٤) على (وجيه)، كأنه قال: (وجيها، ومُكَلِّماً الناسَ)، ولا يُنكَرُ وضعُ (٥) المستقبل موضعَ الحال. ومثله قوله: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي﴾ [مريم: ٥ - ٦]، في قراءة مَنْ رَفَعَ (٦). وهذا أحدُ ما يضارعُ به الفعلُ المستقبلُ الاسمَ.
وأنشد النحويُّون على هذا:

(١) في "معاني القرآن" ١/ ٢١٣.
(٢) في (ج): (قال). وكذا في "الدر المصون" ٣/ ١٧٩، حيث نقل عبارة الواحدي هذه.
(٣) وقد علَّق السمينُ على قول الفراء هذا، بعد أن نقله عن الواحدي، بقوله: (فظاهر هذا يُوذِن بأن (وجيها) من صفة عيسى في الأصل، فقُطِعَ عنه، والحالُ وصْفٌ في المعنى). "الدر المصون" ٣/ ١٧٩. وانظر ما سبق من تعليق على إعراب قوله تعالى ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ من آية ١٨ من سورة آل عمران.
(٤) النسق، هو عطف اللفظ على نسقِ الأول وطريقته. ويسمَّى في النحو بـ (عطف النسق)، وهو: التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه أحدُ حروف العطف. انظر: "معجم المصطلحات النحوية" د. اللبدي: ٢٢٤.
(٥) (ولا ينكر وضع): ساقط من (ج).
(٦) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: ﴿يَرِثُنِى وَيَرِثُ﴾ برفعهما. والتقدير: (وليًّا وارثًا)، على أنَ (يرِثُني) صفة لـ (وليًّا). قال مكي: (وهو الاختيار؛ لأنَّ الجماعة عليه، ويقوِّي الرفع: أنَّ (وليًّا) رأس آية، فاستغنى الكلام عن الجواب). "الكشف" ٢/ ٨٤. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: (يَرِثْنِي وَيَرِثْ) بجزمهما؛ على أنها جواب للأمر، والتقدير: (هب لي من لدنك وليًّا فإنك إنْ وهبته لي ورثَني). انظر: "الحجة" لابن خالويه: ٢٣٤، "حجة القراءات" لابن زنجلة: ٤٣٨.


الصفحة التالية
Icon