وهو ما نقول: إن الله -تعالى- يُملِي لهم، لِيَزدادوا إثمًا.
١٧٩ - قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ الآية.
اختلفوا في سبب نزول هذه الآية:
فقال الكَلْبيُّ (١): قال المشركون للنبي - ﷺ -: ما بَالُكَ تَزْعُمُ أن الرَّجلَ مِنْ أهلِ النار، حتى يَدْخُلَ في دِينِكَ، فإذا انتقل إلى دينك، ادَّعَيْتَ أنه من أهل الجَنَّةِ، فينبغي أنْ تُعَرِّفَنَا الذي يَنتَقِلُ، قبل أن ينتَقِلَ.
فأنزل الله -تعالى- مجيبًا لهم-: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ أي: ما كانَ اللهُ لِيَدَعَ المؤمِنَ (٢)، على ما عليه الكافرُ (٣). وأَعْلَمَ أنَّ حُكْمَ مَنْ كَفَر، أن يقال: أنه مِن أهل النار، ومَنْ آمَنَ: فهو من أهل الجَنَّة.
ومعنى: ﴿حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ -على هذا التفسير-: حتى يُفَرِّقَ بين المؤمن والكافر؛ بالحُكْمِ لِلْمُؤْمِنِ بالجَنَّةِ، ولِلكافر بالنار.
والخِطاب في قوله: ﴿أَنتُمْ﴾ -على هذا الوجْهِ-، للمشركين.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ أي (٤): وما كان اللهُ لِيُخْبِركم بإسلامِ مَنْ يُسْلِم قبل أن يُسْلِم؛ فَيَدُلكم على غَيْبِهِ؛ وذلك أنهم

(١) قوله في: "بحر العلوم" ١/ ٣١٨، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٥٩ أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٣٦، و"تفسير البغوي" ٢/ ١٤٠، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٨.
وأورد هذا القول ابنُ الجوزي في "الزاد" ١/ ٥١٠ ونسبه لابن عباس.
ونحو هذا القول، قال السُّدِّي. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٨٨، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٨٢٤.
(٢) في (ج): (المؤمنين).
(٣) في (ج): (الكافرين).
(٤) أي: ساقطة من (ج).


الصفحة التالية
Icon