قال أبو علي: (من) في قوله: ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ في موضع المفعول الثاني في قول أبي الحسن، ويكون المفعول الثاني محذوفًا في قياس قول سيبويه، والصفة قائمة مقامه (١)؛ كأنه قيل: واسألوا الله نعمه وفضله.
٣٣ - وقوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ الآية. أراد: ولكل واحد من الرجال والنساء، جعلنا موالي.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد: أي عصبة (٢).
وقال السدي: أي ورثة (٣).
ومضى الكلام في المولى، واشتقاقه في اللغة.
وقوله تعالى: ﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾ فيه قولان:
أحدهما: أن (من) في قوله (مما) متعلق بمحذوف، ذلك المحذوف من صفة المولى، كأنه قيل: لكل جعلنا ورثة يرثون، أو يُعطَون مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له. والوالدان والأقربون على هذا هم الذين ماتوا وورثهم المعني بقوله. ﴿وَلِكُلٍّ﴾، والألف واللام في الوالدان والأقربون بدل عن الكناية، كأنه قيل: مما ترك والداه وأقربوه، كقوله: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١] أي مأواه.

(١) "الحجة" ٢/ ٢١٤.
(٢) أخرج الآثار عنهم الطبري ٥/ ٥٠ - ٥١، وأخرج قولًا لابن عباس كقول السدي الآتي وأن المراد الورثة، ونسب هذا القول لهم جميعًا الماوردي في "النكت والعيون" ١/ ٤٧٩، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٥٠٩.
(٣) أخرجه الطبري ٥/ ٥١ بلفظ: هم أهل الميراث، وورد نحوه عن ابن عباس انظر: الطبري ٥/ ٥٠، والقولان متقاربان، وقد رجح الماوردي الثاني، انظر: "النكت والعيون" ١/ ٤٧٩.


الصفحة التالية
Icon