يكون منصوبًا على المدح، قال: لأنه لا ينصب الممدوح إلا عند تمام الكلام، ولم يتم الكلام ههنا، ألا ترى أنك حين قلت ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ﴾ كأنك تنتظر الخبر، وخبره في قوله: ﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وقول البصريين في هذا هو الصحيح الظاهر (١)، وقوله: إن الكلام لم يتم، إذ الخبر قوله: ﴿أُولَئِكَ﴾ لا يصح، لأن الخبر إنما هو: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ مع أنه قد يجوز الاعتراض بالمدح بين الاسم والخبر، كما يجوز الاعتراض بالقسم، لأنه في تقدير جملة تامة.
قال الفراء: والعرب إذا تطاولت الصفة جعلوا الكلام في الناقص والتام واحد (٢).
وذهب قطرب إلى أن المعنى: وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين (٣). وهذا القول في الفساد كقول أبي زيد.
١٦٣ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ﴾ الآية.
قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود قالوا للنبي - ﷺ - ما أوحى الله إليك ولا إلى أحد بعد موسى، فكذبهم الله تعالى وأنزل: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ (٤).
قال أبو عبيد عن الكسائي: وحي إليه الكلام يحي به وحيًا، وأوحى إليه، وهو أن يكلمه بكلام يُخفيه من غيره (٥).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٩٦، و"الدر المصون" ٤/ ١٥٥.
(٤) أخرجه بمعناه الطبري ٦/ ٢٨، وانظر: ابن كثير ١/ ٦٤٧، و"الدر المنثور" ٢/ ٤٣٥.
(٥) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٢ (وحى).