وقال أبو علي الفارسي -وهو قول أكثر النحويين-: (قد يزاد بحروف الجر في المفعول، وإن كان الفعل متعديًا، وذلك نحو: قرأت السورة، وقرأت بالسورة (١)، وألقى يده، وألقى بيده، وفي القرآن ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ [العلق: ١٤]، وفي موضع آخر ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ﴾ [النور: ٢٥] (٢). فعلى هذا قوله: ﴿لِرَبِّهِمْ﴾ (٣) اللام صلة وتأكيد كقوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢].
وقد ذكرنا مثل هذا في قوله: ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ [آل عمران: ٧٣]، وقال بعضهم: إنها (٤) لام أجلٍ، والمعنى: هم (٥) لأجل ربهم (٦) ﴿يَرْهَبُونَ﴾. لا رياء ولا سمعة.
١٥٥ - قوله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾، الاختيار: افتعال من لفظ الخير، يقال: اختار الشيء أي: أخذ خيره وخياره (٧)، وأصل اختار (اختير)، فلما تحركت الياء وقبلها فتحة قلبت ألفًا نحو: قال وباع، وفي الأسماء (دار) و (ناب)، أصلهما (٨) دَوَرٌ ونَيَبٌ، ولهذا استوى لفظ الفاعل والمفعول فقيل فيهما: (مختار) والأصل (مُختَيِر) و (مُختَيَر)، فقلبت الياء فيهما ألفًا فاستويا في اللفظ (٩).

(١) في (ب): (نحو قرأت السورة وألقى يده، وفي القرآن) وهو تحريف.
(٢) "الإيضاح العضدي" ١/ ١٩٧ - ١٩٨، وانظر: "المسائل العسكريات" ص ١٢٨.
(٣) في (ب): (﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾).
(٤) في (ب): (وقال بعضهم ألها لام)، وهو تحريف.
(٥) في (ب): (والمعنى والذين هم).
(٦) انظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٣١١، و"تفسير الطبري" ٩/ ٧١، و"إعراب النحاس" ١/ ٦٤١، و"التبيان" ص ٣٩١، و"والفريد" ٢/ ٣٦٧، و"الدر المصون" ٥/ ٤٧٢.
(٧) في (ب): (وختاره).
(٨) في (ب): (أصلها).
(٩) انظر: "العين" ٤/ ٣٠١، و"البارع" ص٢٢٤، و"تهذيب اللغة" ١/ ٩٥٩، ٩٦٠، =


الصفحة التالية
Icon