فعلى هذا هم غيّروا هذه النعمة عليهم بمحمد - ﷺ - بتكذيبهم وقصدهم قتله، فغير الله عليهم ما أعطاهم من نعم الدنيا وأخذهم بعذاب الآخرة.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، قال ابن عباس: يريد: سميع لقولكم، عليم بنياتكم (١).
٥٤ - قوله تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ يجوز أن تكون الكاف متعلقة بمحذوف قبلها كما ذكرنا في الأولى، ويجوز أن تتعلق بما بعدها وهو قوله: ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ يعني: أهل مكة كذبوا بآيات ربهم كصنيع آل فرعون في التكذيب بما جاء به موسى، ثم قال: ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ فذكر عقوبة الفريقين لما شبّه فعل أحدهما بفعل الآخر، ثم قال: ﴿وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ يعني آل فرعون وأهل مكة، والمفسرون على أن قوله: ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ من فعل آل فرعون والذين من قبلهم (٢)، قال ابن عباس: يريد: الذين كذبوا قبل قوم فرعون (٣)، والوجه الأول (٤) صحيح مرضي قوي، ويمكن أن يحمل عليه الأول من قوله: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا﴾ (٥) الآية.
(٢) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٢٤، والثعلبي ٦/ ٦٨ أ، وابن الجوزي ٣/ ٣٧١.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) وهو أن المراد بالمكذبين هم أهل مكة، وعطف قوله تعالى: ﴿وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ على قوله: ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ يدل على أن المكذبين المهلكين هم آل فرعون ومن قبلهم لا أهل مكة، ثم شبه أهل مكة بهم في التكذيب والعذاب.
(٥) الأنفال: ٥٢. والمعنى على هذا الرأي: حال أهل مكة كحال الأمم السابقة؛ إذ كفر أهل مكة فعوقبوا كحال السابقين.
والذي عليه المفسرون أن الكفر من صفة آل فرعون ومن قبلهم وشبه بهم أهل مكة. انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٢٣، والسمرقندي ٢/ ٢٢، وابن الجوزي ٣/ ٣٧٠.