٦٣ - قوله تعالى: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾، قال الليث: كل شيء ضممت بعضه إلى بعض فقد ألفته تأليفًا (١)، وقال غيره (٢): التأليف: جمعٌ على تشاكل، ولهذا قيل: هذه الكلمة تأتلف مع هذه ولا تأتلف مع تلك، قال ابن عباس والمفسرون: يعني بين قلوب الأوس والخزرج وهم الأنصار (٣).
وقوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾، قال عطية: يعني للعداوة التي كانت بينهم (٤)، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾، قال ابن عباس: يريد: إن قلوبهم بيده يؤلفها كيف شاء (٥)، ﴿إِنَّهُ عَزِيزٌ﴾ أي: قدير لا يمتنع عليه شيء ﴿حَكِيمٌ﴾ عليم بما يفعله (٦).

(١) كتاب "العين" (ألف) ٨/ ٣٣٦.
(٢) هو: الحوفي في "البرهان في علوم القرآن" ١١/ ١٠١ ب، وقد اختصر المؤلف قوله.
(٣) رواه ابن مردويه، عن ابن عباس والنعمان بن بشير، كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٦٢، ورواه ابن جرير ١٠/ ٣٥ - ٣٦، عن السدي وبشير بن ثابت وابن إسحاق، كلهم بمعناه وهو قول الفراء ١/ ٤١٧، والثعلبي ٦/ ٧٠/ أ، والبغوي ٣/ ٤٧٤ وغيرهم.
(٤) لم أقف عليه، وقد ذكره المؤلف في "الوسيط" ٢/ ٤٦٩ بلا نسبة.
(٥) "تنوير المقباس" ص ١٨٥ بمعناه.
(٦) تفسير الحكمة بالعلم معروف في اللغة.
قال الجوهري: الحكيم: العالم وصاحب الحكمة. انظر: "الصحاح" (حكم) ٥/ ١٩٠١، والمشهور في معنى الحكمة: وضع الأشياء في مواضعها من الإتقان، قال ابن الأثير في "النهاية" (حكم) ١/ ٤١٨: الحكيم: فعيل بمعنى فاعل، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها فهو فعيل بمعنى مفعل، وقال ابن جرير ١/ ٥٥٨: الحكيم: الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل.


الصفحة التالية
Icon