يعذب به من كفر، وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ﴾ أي: مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين بمحمد - ﷺ - من عذابي، والتأويل: ننجي المؤمنين إنجاءً مثل ذلك الإنجاء، وقوله تعالى: ﴿حَقًّا عَلَيْنَا﴾ أي واجبًا علينا، قاله ابن عباس (١) وغيره (٢)، ومعنى الوجوب هاهنا: أنه أخبر بذلك ولا خلف لوعده، وما أخبر به [فهو واجب] (٣) الوجود.
١٠٤ - قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾، قال ابن عباس: يريد أهل مكة (٤)، ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي﴾، قال: يريد من توحيد الله الذي جئت به والحنيفية التي بعثت بها (٥)، ﴿فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، يقال في هذا: لِمَ جعل جواب ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ﴾، ﴿لَآ أَعْبُدُ﴾ وهؤلاء يعبدون غير الله شكوا أو لم يشكوا؟ قيل: لأن المعنى: لا تشككوني (٦) بشككم حتى أَعبد غير الله كعبادتكم، كأنه قيل: ﴿إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ بشككم ﴿وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾، قال أهل المعاني: إنما خص التوفي هاهنا بالذكر دون الإحياء؛ لأنه يتضمن تهديدًا لهم؛ لأن وفاة المشركين ميعاد عذابهم (٧).
(٢) انظر: "تفسير السمرقندي" ٢/ ١١٣، والثعلبي ٧/ ٣١ أ، والبغوي ٤/ ١٥٤.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٦٩، "تنوير المقباس" ص٢٢٠، ولا دليل على هذا التخصيص.
(٥) انظر المصدرين السابقين، نفس الموضع، بمعناه.
(٦) في (ى): (لا تشكون)، وهو خطأ.
(٧) لم أجده عند أهل المعاني، وانظره في "الوسيط" ٢/ ٥٦١، "زاد المسير" ٤/ ٧٠.