معًا، فالإخبار عن أحدهما كالإخبار عن الآخر، وهذه الآية تحقق ما ذكرنا في الآية الأولى أنه لا يتحقق النفع والضر إلا من الله؛ لأنه إذا لم يتهيأ لأحد [دفع نفع يريده بعبد فهو النافع على الحقيقة، وإذا لم يتهيأ لأحد] (١) منع ضر يحل به أو بغيره فهو الضار.
١٠٨ - قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ قالوا: يعني أهل مكة (٢)، ﴿قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ القرآن الذي جاء به محمد - ﷺ -، قاله ابن عباس (٣) وغيره (٤)، وفيه البيان والأدلة التي نصبت ليهتدي بها العباد، ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾، قال ابن عباس: يريد من صدق محمدًا - ﷺ - فإنما يحتاط لنفسه (٥)، ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ أي: إنما يكون وبال ضلاله على نفسه، كما أن ثواب اهتدائه لنفسه، ﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي: في منعكم من اعتقاد الباطل، فانظروا لأنفسكم نظر من يطالب بعمله من غير أن يطالب غيره بحفظه، كأنه قيل: بحفيظ من الهلاك كما يحفظ الوكيل المتاع من الهلاك.
(٢) انظر: "تفسير السمرقندي" ٢/ ١١٤، "الوسيط" ٢/ ٥٦٢، "تنوير المقباس" ص ٢٢٠، وقد ذكر الزركشي في "البرهان" ١/ ١٨٧: أن بعض العلماء يرى أن ما كان خطابًا بـ (يا أيها الناس) فالمراد بهم أهل مكة.
وانظر رد هذا القول في: "مناهل العرفان" ١/ ١٨٦.
(٣) ذكره بنحوه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ٢٢٠.
(٤) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٧٨، والسمرقندي ٢/ ١١٤، والثعلبي ٧/ ٣١ ب، والبغوي ٤/ ١٥٥.
(٥) "الوسيط" ٢/ ٥٦٢.