وقوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾، قال أبو بكر (١): معناه: واتبع السفلة والسقاط الرؤساء وأُولي المقدار عندهم، فقلدوهم الكفر. فقوله: ﴿وَأُتْبِعُوا﴾ خبر عامٌّ، معناه في الباطن التخصيص، قال المفسرون: قال الرؤساء للسفلة -يعنون هودًا- ﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ الآيتان (٢)، ومضى الكلام في معنى الجبار من الناس عند قوله: ﴿إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ﴾ (٣) والعنيد: الذي لا يقبل الحق، ولا يذعن له، من قولهم: عَنَدَ الرجل يَعْنُدُ عُنُودًا وعانَدَ مُعاندة، إذا أبى أن يقبل الشيء وإن عرفه، وقال أبو عبيد: العنيد والعنود والعاند: المعاند المعارض لك بالخلاف (٤) وأظن أن هذا مما تقدم الكلام فيه.
٦٠ - قوله تعالى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ أي (٥): أردفوا لعنة تلحقهم وتنصرف معهم، هذا معنى الإتباع، وهو أن يتبع الثاني الأول، ليتصرف معه بتصرفه، ومعنى اللعنة (٦): الإبعاد من رحمة الله ومن كل خير.
وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [أي وفي يوم القيامة] (٧) كما قال: ﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾، ﴿أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾؛ قيل: أراد الباء
(٢) المؤمنون: ٣٣، ٣٤.
(٣) المائدة: ٢٢. وخلاصة ما ذكره قال: وللجبار معنيان، أحدهما: أراد الطول والقوة والعظم. والثاني: من أجبره على الأمر إذا أكرهه عليه".
(٤) ما سبق نقل عن الثعلبي ٧/ ٤٧ أ، وانظر: البغوي ٤/ ١٨٤، "مشكل القرآن وغريبه" ١/ ٢١١، القرطبي ٩/ ٥٤.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ١٢٢، البغوي ٤/ ١٨٤.
(٦) البغوي ٢/ ٣٩٠.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ي).