٣٢ - قوله تعالى ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ معنى اللوم في اللغة (١) الوصف بالقبيح، ونقيضه الحمد، قال المفسرون (٢): (أرادت امرأة العزيز إظهار عذرها عند النسوة، بما يشاهدن من جمال يوسف) (٣). فلما بهتن بالنظر إليه، وذهب عقولهن، وجعلن يقطعن أيديهن، قالت: ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ قال ابن الأنباري (٤): أشارت بذلك إلى يوسف بعد انصرافه من المجلس، يدل على هذا ما روي أن ابن عباس (٥) قال: في قوله ﴿فَذَلِكُنَّ﴾ يريد فهو الذي لمتنني فيه، أي في حبه، والشغف به، ثم أقرتْ عندهنَّ فقالت: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ قال ابن عباس (٦) والمفسرون (٧) وأهل اللغة (٨): فامتنع، ومعنى الاستعصام الامتناع بطلب العصمة، والعصمة سميت عصمة؛ لأنها تمنع من ارتكاب المعصية، قال الأصمعي (٩): العصمة في كلام العرب المنع، وعصمة الله العبد، أن يمنعه مما يوبقه، واعتصم بالله، إذا امتنع به، واعتصم إذا امتنع وأبى،

(١) "تهذيب اللغة" (لام) ٤/ ٣٢٢١، و"اللسان" (لوم) ٧/ ٤١٠١.
(٢) الطبري ١٢/ ٢٠٩، الثعلبي ٧/ ٨٠ ب.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٢١٩، الرازى ١٨/ ١٣٠.
(٥) قال به الطبري ١٢/ ٢٠٩.
(٦) الطبري ١٢/ ٢١٠، وابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٢٧، وأبو الشيخ كما في "الدر".
(٧) الثعلبي ٧/ ٨٠ ب، البغوي ٤/ ٢٣٩، ابن عطية ٧/ ٥٠١، "زاد المسير" ٤/ ٢٢٠، وأبو الشيخ كما في "الدر".
(٨) "مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة ص ١/ ٢٥٥، و"معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٤٢٣، و"اللسان" (عصم) ٥/ ٢٩٧٦.
(٩) "تهذيب اللغة" (عصم) ٣/ ٢٤٦٦.


الصفحة التالية
Icon