وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ قال ابن عباس (١): بشدة حزني ﴿الْحَكِيمُ﴾ فيما حكم عليّ بهذا الحزن وعظم المصيبة بابن بعد ابن.
وقال غيره: ﴿الْعَلِيمُ﴾ بصدق ما يقولونه من كذبه، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيره لخلقه.
٨٤ - قوله تعالى: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾ قال المفسرون (٢): لما بلغ يعقوب خبر حبس بنيامين، تتام حزنه، وبلغ الجهد، وهاج ذلك وجده بيوسف؛ لأنه كان يتسلى بأخيه منه، فعند ذلك تولى عنهم.
قال ابن عباس (٣) وغيره: أعرض عنهم.
﴿وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾، الأسف: الحزن على ما فات، قال الليث (٤): إذا جاءك أمر فحزنت له ولم تطقه فأنت آسف، أي: حزين ومتأسف أيضاً، قال الزجاج (٥): والأصل يا أسفي، إلا أن ياء الإضافة يجوز أن تبدل ألفاً، لخفة الألف والفتحة، ومضى الكلام في هذا وفي نداء غير ما يعقل، ومعنى ذلك في مواضع.
وقوله تعالى: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ مما يدل على تجدد وجده بيوسف لفقد بنيامين (٦)، وكذلك الحزن يجر الحزن ونكاء القرح بالقرح أوجع، وقد قال متمم بن نويرة (٧):
(٢) الثعلبي ٧/ ١٠٢ ب، القرطبي ٩/ ٢٤٧، البغوي ٤/ ٢٦٧.
(٣) ذكره الثعلبي ٧/ ١٠٢ ب، البغوي ٢٦٧، "زاد المسير" ٤/ ٢٦٩.
(٤) "تهذيب اللغة" (أسف) ١/ ١٦١، و"اللسان" (أسف) ١/ ٧٩.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٢٥.
(٦) في (ب): (ابن يامين).
(٧) هو متمم بن نويرة بن جمرة بن ثعلبة بن يربوع أبو نهشل، صحابي، شاعر فحل، اشتهر في الجاهلية والإسلام، أشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك، توفي سنة ٣٠هـ، =