١٠٢ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ قال أبو إسحاق (١) المعنى: قصصنا عليك من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عنك، فأنزلته عليك دلالة على إثبات نبوتك، قال: وموضع "ذلك" رفع بالابتداء ويكون خبره ﴿مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ﴾ ويكون ﴿نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ خبرًا ثانيًا ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾ قال ابن عباس (٢): يريد عند إخوة يوسف، (إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) بيوسف، وهذا دليل على صدق محمد - ﷺ - وصحة نبوته؛ إذ أخبر عن قوم لم يحضرهم ولم يشاهدهم.
١٠٣ - قوله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن الأنباري (٣): وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أن قريشًا واليهود سألت رسول الله - ﷺ - عن قصة يوسف وإخوته مُعنَتين، فشرحها شرحًا شافيًا، وهو يؤمل أن يكون سببًا لإيمانهم، فخالفوا ظنه وحزن رسول الله - ﷺ - لذلك فعزاه الله بقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي: لا يدخل في الإيمان كل من يكشف له دلائل الحق، ويقيم عنده أعلام الصدق، حتى يشاء الله ذلك، وقال أبو إسحاق معناه (٤): وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على (٥) أن تهديهم؛ لأنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله

(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٠.
(٢) الطبري ١٣/ ٧٦، وابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢٢٠٦ عن قتادة وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٧٤، وانظر: البغوي ٤/ ٢٨٢، و"زاد المسير" ٤/ ٢٩٣، والقرطبي ٩/ ٢٧١، و"تفسير عطاء" ص ٧٨.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٦٣، والرازي ١٨/ ٢٢٣، و"البحر" ٦/ ٣٣٠.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٠.
(٥) في (ب): زيادة (آمنوا) بعد على.


الصفحة التالية
Icon