مما أحل لهم يكفرون؛ فيحرمونه ويجحدون تحليله (١)، يعني ما حَرَّمُوا على أنفسهم من الأنعام والحرث، وذكرنا وجهين في قوله: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾، والوجهان هاهنا جائزان.
٧٣ - قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ﴾ يعني الغيث الذي يأتي من جهتها، ﴿وَالْأَرْضِ﴾ يعني النبات والثمار التي تخرج منها.
وقوله تعالى: ﴿مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، (من) صفة النكرة التي هي: ﴿رِزْقًا﴾ كأنه قيل: لا يملك لهم رزقًا من الغيث والنبات.
وقوله تعالى: ﴿شَيْئًا﴾ قال الأخفش: جعل الشيء بدلًا من الرزق، وهو في معنى: لا يملكون رزقًا قليلًا ولا كثيرًا (٢)، أي لا يملكون أن يرزقهم شيئًا من السموات والأرض، وقال الفراء: نصب ﴿شَيْئًا﴾ بوقوع الرزق عليه (٣)، كما قال: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٥، ٢٦] أي: تكْفِت الأحياء والأموات، ومثله: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ (٤) [البلد: ١٥، ١٤].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ أي لا يقدرون على شيء، وليست لهم استطاعة، وجمع هاهنا؛ لأن (ما) في مذهب جمع لآلهتهم التي يعبدون،

(١) ورد في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٤٧، بنحوه، والثعلبي ٢/ ١٦٠ أ، بنحوه، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٣١.
(٢) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٠٦، بنصه، وأورده الطبري ١٤/ ١٤٨ بنصه.
(٣) أي أن ﴿شَيْئًا﴾ منصوبة بالمصدر ﴿رِزْقًا﴾ على أنه مفعول به.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ١١٠، بنصه، وأورده الطبري ٤٨/ ١١٤ بنصه، والشاهد: أنه نصب ﴿يَتِيمًا﴾ بالمصدر ﴿إِطعَامُ﴾.


الصفحة التالية
Icon