عَصَمْتُ، ومنهم من خَذَلْتُ، وفَضَّلتُ داود حيث أعطيته الزبور، يعني أن ذكر تفضيل النبيين هاهنا يكون (١) يدلّ على تفضيل ولد آدم.
وقال أبو إسحاق: معنى ذكر داود هاهنا، أن الله أعْلَمَ أنه فضَّل بعض النبيين على بعض، أي فلا تُنْكِروا تفْضِيلَ محمد، وإعطاءه القرآن، فقد أعطى الله داود الزبور (٢)، وقرأ حمزة ﴿زُبُوًا﴾ بضم الزاي (٣)، وذكرنا وجه ذلك في أواخر سورة النساء (٤).
٥٦ - قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ قال المفسرون: ابتلى الله قريشًا وأهلَ مكة بالقحط سنين، فشكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ (٥) قال ابن عباس: كل شيء (زَعَمَ) في كتاب الله فهو كَذَبَ (٦)، فعلى هذا نظم الآية: الذين ادّعيتم كذبًا من دونه، أي ادّعَيتم أنهم آلهة.
وقال أبو إسحاق: أي ادْعُوا الذين زعمتم أنهم آلهتكم (٧)، ثم أخبر
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤٥ بنصه.
(٣) انظر: "السبعة" ص ٣٨٢، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٧٦، و"الحجة للقراء" ٥/ ١٠٨.
(٤) آية [١٦٣].
(٥) ورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١١١ ب مختصرًا، انظر: "تفسير السمعاني" ٣/ ٢٥٠، و"البغوي" ٥/ ١٠٠، و"ابن الجوزي" ٥/ ٤٨، و"القرطبي" ١٠/ ٢٧٩، ولا يُعدّ هذا سببًا في النزول -وإن عبر عنها بالصيغة الصريحة- لعدم تحقق شروطه.
(٦) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٢٣١، و"الألوسي" ٥/ ٩٧.
(٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤٥ بنصه.