إلا بما حكم الله، وبما دل عليه حكم الله، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه فيكون شريكًا في حكمه يأمر بحكم كما أمر الله) (١). وقرأ ابن عامر: ولا تشرك (٢)، على معنى: ولا تشرك أنت أيها الإنسان في حكمه أحدًا، على النهي عن الإشراك في حكمه، أي: لا يكن كمن قيل فيه: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ)﴾ [الأعراف: ١٩١]. وعلى هذه القراءة في الآية رجوع من الغيبة إلى الخطاب، والقراءة الأولى التي عليها العامة أشبه لتقدم اسم الغيبة، وهو قوله: ﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾، والهاء للغيبة فكذلك قوله: ﴿وَلَا يُشْرِكُ﴾ أي: ولا يشرك الله في حكمه أحدًا (٣).
٢٧ - قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ﴾ قال المفسرون: (معناه: أَتبع القرآن) (٤).
وقوله تعالى: ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ قال ابن عباس: (يريد لمواعيده) (٥).
وإلي هذا أشار الزجاج فقال: (أي ما أخبر الله به، وما أخبر به فلا مبدل له) (٦). وعلى هذا المعنى: لا مبدل لحكم كلماته مما وعد به وأمر،

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٨٠.
(٢) قرأ ابن عامر الشامي: (ولا تشرك) بالتاء جزمًا. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن كثير، وحمزة، وعاصم، والكسائي: (ولا يشرك) بالياء والرفع. انظر: "السبعة" (٣٩٠)، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٤١، و"الغاية في القراءات العشر" (٣٠٦)، و"العنوان في القراءات السبع" ص ١٢٢، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣١٠.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٣، و"النكت والعيون" ٣/ ٣٠٠، و"زاد المسير" ٥/ ١٣١.
(٤) "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٣، و"معالم التنزيل" ٥/ ١٦٥، و"المحرر الوجيز" ١٠/ ٣٩٢، و"زاد المسير" ٥/ ٩٣.
(٥) "معالم التنزيل" ٥/ ١٦٥، و"روح المعاني" ١٥/ ٢٥٧.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٨٠. ويشهد لهذا قوله سبحانه في سورة الأنعام: =


الصفحة التالية
Icon