أحدًا قولاً، فحذف أحد المفعولين كما حذف من قوله: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا﴾ [الكهف: ٢] وهذا الحذف غير ضيق. قال ابن عباس: (يريد لا يفهمون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم) (١).
٩٤ - قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ﴾ إن قيل: كيف خاطبوا ذا القرنين وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يَفهمون ولا يُفهمون؟
والجواب عن هذا أن يقال: كلم عنهم قوم آخرون مترجمة عن لغتهم، فنسب القول إليهم، لما كان بأمرهم وإرادتهم، وهذا على قول من يجعل يكادون صلة كقوله: ﴿لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا﴾ [النور: ٤٠] (٢).
ومن لم يجعل صلة قال: هم يفقهون وُيفقهون وإذا قلت: لا يكاد فلان يفعل كذا، كان المعنى أنه يقارب أن لا يفعل ولكن يفعل (٣). وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ أكثر أهل العلم على أن هذين اسمان أعجميان مثل: طالوت وجالوت، وهاروت وماروت، لا ينصرفان للتعريف والعجمة (٤). والقراءة فيها: بترك الهمز، وقرأ عاصم بالهمز (٥).
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٠١ - ٢٠٢، "زاد المسير" ٥/ ١٩٠، "فتح القدير" ٣/ ٤٤٥.
(٣) "زاد المسير" ٥/ ١٩٠، "روح المعاني" ١٦/ ٣٨، "مفاتح الغيب" ٢١/ ١٧٠.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣١٠، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٧٣.
(٥) قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (ياجوج وماجوج) بغير همز. وقرأ عاصم: (يأجوج ومأجوح) بالهمز.
انظرت: "السبعة" ص٣٩٩، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٧٢، "الغاية في القراءات" ص ٣١٢، "الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٧٧.