والصحيح ما عليه الجماعة (١)، لقوله: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ ولو قال لهم ضدا احتمل ما قاله قتادة؛ لأن الضد قد ورد في اللغة بمعنى مثل الشيء حكاه ابن السكيت عن أبي عمرو (٢)، فلما قال: ﴿وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ كان المعنى: أنهم عون عليهم أعداء لهم، ويبعد أن يفسر بالقرناء. قال ابن الأنباري: (ويجوز أن تكون الهاء في عليهم ترجع على الأصنام بتأويل ويكون الكفار على الأصنام ضد؛ لأنه يبيحون بعيبها ويخبرون بعجزها عند البراءة منها) (٣).
٨٣ - قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ قال الكلبي: (نزلت في المستهزئين بالقرآن) (٤). وذكر أبو إسحاق في قوله: ﴿أَرْسَلْنَا﴾ وجهين:
أحدهما: (أن المعنى خلينا الشياطين وإياهم فلم نعصمهم من القبول منهم) (٥).
قال أبو علي: (الإرسال يستعمل على معنى التخلية بين المرسل وبين
(١) ويشهد لذلك قوله سبحانه: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥، ٦]
(٢) "تهذيب اللغة" (ضد) ٢/ ٢٠٠.
(٣) ذكر نحوه بلا نسبة "الكشاف" ٢/ ٤٢٣، "البحر المحيط" ٦/ ٢١٥، "الدر المصون" ٧/ ٦٤٠.
(٤) "بحر العلوم" ٢/ ٣٣٣.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٤٥.