به كان القرآن لهم شرفًا بإيمانهم به) (١). وهذا كقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]، ويقال: (﴿أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾ عذابًا أي: يتذكرون حلول العذاب الذي وعدوه) (٢).
١١٤ - قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ﴾ أي: جل عن إلحاد الملحدين، ونزه عما يقول المشركون في صفته (٣). ويجوز أن يكون المعنى: تعالى استحق في المدح صفات لا تساوى؛ لأنه أقدر من كل قادر، وأعلم من كل عالم، وقادر سواه محتاج إليه وهو غني عنه. ﴿الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ قال ابن عباس: (يريد الذي بيده الثواب والعقاب) (٤). يعني أنه يملكها. و ﴿الْحَقُّ﴾ معناه: ذو الحق، وقد مر وتقدم الكلام فيه (٥).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء وأبي صالح: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل من الوحي، ولا يفرغ جبريل مما يريد من التلاوة حتى يتكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأوله حرصًا منه على ما كان ينزل عليه، وشفقة على القرآن مخافة الإنفلات
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٣، وذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٥، "المحرر الوجيز" ١٥/ ٩٧، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٥٠.
(٣) "جامع البيان" ١٦/ ٢١٩، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٧، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٥، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٨٥.
(٤) ذكر نحوه الألوسي في "روح المعاني" ١٦/ ٢٦٧ بدون نسبة. وكذلك الشوكاني في "فتح القدير" ٣/ ٣٨٩.
(٥) عند قوله سبحانه في سورة الأنعام الآية رقم (٦٢): ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾.