وحزبي هم الغالبون.
٤٥ - قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ الآية. ذكرنا (١) أن الإنذار يتعدى إلى مفعولين بغير حرف جر كقوله: ﴿فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ [فصلت: ١٣] وقوله: ﴿أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا﴾ [النبأ: ٤٠]، وفي تعديته بالباء -هاهنا-، قال أبو علي: يجوز أن يكون لمّا دل على التخويف أجرى مجراه، تقول: أنذرته بكذا كما تقول: خوفته بكذا (٢).
وكذا جاء في التفسير: أخوفكم بالقرآن (٣). والمعنى: أنذرتكم بالوحي الذي يوحيه الله إلى لا (٤) من قبل نفسي. وذلك أن الله أمر بإنذارهم، كقوله: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ [الأنعام: ٥١] ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ [يس: ٧٠]، ونحو هذا من أمره بالإنذار. هذا مذهب المفسرين ومعنى قولهم.
وقال أبو علي: ويجوز أن يكون الوحي: الموحى، فسمى بالمصدر مثل الخلق والصيد، والموحى (٥) هو العذاب، فيكون كقوله: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾ [النبأ: ٤٠] (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾ تمثيل

(١) ذكر ذلك عند قوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة: ٦].
(٢) "الحجَّة" لأبي علي الفارسي ١/ ٢٥٣.
(٣) قال الطبري ١٧/ ٣٢: أخوفكم به بأسي. وذكره البغوي ٥/ ٣٢١ وابن الجوزي ٥/ ٣٥٤ والقرطبي ١١/ ٢٩٢ من غير نسبة لأحد من المفسرين.
(٤) (لا): ساقطة من (أ).
(٥) في "الحجة" ١/ ٢٥٤: والوحي.
(٦) "الحجة" لأبي علي الفارسي ١/ ٢٥٤.


الصفحة التالية
Icon