فغدوهم مُرَجَّلين في المعنى، تركٌ للاحتفال. وهذا مثل إبدال ﴿يُضَعِفُ﴾ وقد أبدل من الشرط كما أبدل من جزائه، وذلك في قوله:

متى تأتنا تُلْممْ بِنا في ديارنا تَجدْ حَطبًا جَزْلًا ونارًا تأجَّجَا (١)
فأبدل: تُلمم، من: تأتنا؛ لأن الإلمام إتيان في المعنى (٢).
وأما من رفع فإنه لم يُبدل ولكنه قطعه مما قبله واستأنف (٣).
٧٠ - وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾ قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة؛ وكان المشركون قالوا: [ما يغني عنا اتباعك، وقد عدلنا بالله، وقتلنا النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأتينا الفواحش، فنزلت: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ الآية (٤).
وقال السدي: قال المشركون]: (٥) كيف نتبعك يا محمد وأنت تقول:
= في إعراب القرآن" ٢/ ٢٥٨، و"الإنصاف" ٢/ ٥٨٤، ولم ينسبهما. وفي حاشية الإنصاف: الشاهد قوله: لا يحفلوا يغدوا عليك، فإن الفعل الثاني: يغدوا مجزوم؛ لأنه بدل من الفعل الأول، وهو: لا يحفلوا، وتفسير له. ويحفلوا مأخوذ من قول العرب: ما أحفل بفلان، أي: ما أبالي به. "تهذيب اللغة" ٥/ ٧٦ (حفل). والمرجَّل: الشَعْر المسَرَّح. "تهذيب اللغة" ١١/ ٣٤ (رجل).
(١) أنشده سيبويه، "الكتاب" ٣/ ٨٦، ولم ينسبه. وكذا الزجاج ٤/ ٧٦، وفيه: وناراً توقدا. وفي الحاشية: لم أقف على قائل البيت. وقال: الشاهد فيه: وقوع تلمم بدلاً من تأتنا. وأنشده كذلك أبو علي، في "الحجة" ٥/ ٣٥١. وابن الأنباري، "الإنصاف" ٢/ ٥٨٣. والبغدادي، "الخزانة" ٣/ ٦٦٠، وعزاه لعبد الله بن الحر.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٠. وهو في "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧٦، بمعناه.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٢. و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢١٩. قرأ بالرفع في الموضعين: عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر. "كتاب السبعة في القراءات" ص ٤٦٧. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٥٠.
(٤) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٤٢.
(٥) ما بين المعقوفين، في (ج).


الصفحة التالية
Icon