وقوله: ﴿دَاخِرِينَ﴾ قال ابن عباس والمفسرون: صاغرين (١). وذكرنا تفسيره عند قوله: ﴿سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨] (٢)، وقال مقاتل: يعني بكلٍ: البَرُّ، والفاجر ﴿أَتَوْهُ﴾ في الآخرة صاغرين (٣).
٨٨ - وقوله: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً﴾ (٤) قال مقاتل: تحسبها مكانها (٥) ﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ حتى تقع على الأرض فتستوي بها (٦). وقال ابن عباس: حتى تكون لا شيء، مِثلُ قوله: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ [النبأ: ٢٠] (٧).

(١) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٦، عن قتادة. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٠، عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٢، عن ابن عباس، وابن زيد، وقال: روي عن الحسن، وقتادة والثوري مثل ذلك. و"مجاز القرآن" ٢/ ٩٦.
(٢) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قوله تعالى: ﴿وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ أي: صاغرون؛ وهذا لفظ المفسرين. يقال: دَخَرَ يَدْخَر دُخُورًا، أي صَغِرَ يَصْغَرُ صَغَارَا، وهو الذي يَفعلُ ما تأمره شاء أو أبى، قال الزجاج: هذه الأشياء مجبولة على الطاعة.
(٣) "تفسير مقاتل" ٦٢ ب.
(٤) قال النحاس: من رؤية العين، ولو كانت من رؤية القلب لتعدت إلى مفعولين. "إعراب القرآن" ٣/ ٢٢٣.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦٢ ب، وأخرج ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٣، عن ابن عباس: قائمة. وعن قتادة: تحسبها ثابتة في أصولها لا تحرك. وقال الهواري ٣/ ٢٦٨: ساكنة.
(٦) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٨ أ.
(٧) ذكر البخاري عن ابن عباس معلقًا بصيغة الجزم: ﴿جَامِدَةً﴾ قائمة. ووصله ابن جرير ٢٠/ ٢١، من طريق علي بن أبي طلحة. قال ابن كثير ٦/ ٢١٧: أىِ: تزول عن أماكنها، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا﴾ [٩، ١٠] وقال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ [١٠٥ - ١٠٧]. وجمع القرطبي ١٣/ ٢٤٢، الآيات الواردة في شأن الجبال وزوالها؛ وجعلها تمر بستة أحوال، وصدر ذكرها بقوله: =


الصفحة التالية
Icon