ومعنى نداء الحسرة تنبيه لأن يتمكن علم المخاطب بالحسرة، كما يقال: يا عجبًا أتفعل كذا، والمعنى: يا عجيب أقبل، فإنه من أمامك، ونداء العجب أبلغ في الفائدة كذلك نداء الحسرة، وهو معنى قول أبي إسحاق (١).
قال ابن عباس: يا حسرة على العباد في الآخرة باستهزائهم بالرسل في الرسل (٢) (٣). ثم بين سبب الحسرة فقال: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ﴾ أي: في الدنيا، ﴿إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. ثم خوف كفار مكة مثل عذاب الأمم الخالية في الدنيا ليعتبروا [فقال] (٤).
٣١ - وقوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ قال أبو إسحاق: (موضع كم نصب بأهلكنا؛ لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها، خبرًا كانت أو استخبارًا. وقوله: ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ أنهم بدل من معنى ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ والمعنى: ألم يروا أن القرون التي أهلكنا أنهم لا يرجعون) (٥).

= ٤/ ٢١٥، "الشعر والشعراء" ص ٣١٤، "الكتاب" ٢/ ٢٣٧، "معاهد التنصيص" ١/ ٧٥.
والشاهد فيه قوله: أيا شاعرًا، حيث نصب المنادى من قبيل الشبيه بالمضاف؛ لأنه موصوف بجملة.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٤. وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٣٩١، "الفريد في إعراب القرآن" ٤/ ١٠٦، "الكشاف" ٣/ ٢٨٥.
(٢) هكذا في جميع النسخ، وهو تصحيف، ولعل الصواب: الدنيا.
(٣) لم أقف على من نسب القول لابن عباس. وقد أورد المؤلف في "الوسيط" ٣/ ٥١٣، ونسبه لمجاهد ومقاتل، وهو في "تفسير مقاتل" ١٠٦ ب، "تفسير مجاهد" ص ٥٣٤.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، وهذه الكلمة لا يحتاجها السياق.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٥.


الصفحة التالية
Icon