الملائكة والإنس والجن والشياطين، ولا يقال للبهائم: عالم (١).
وقد ذكر الله تعالى ﴿الْعَالَمِينَ﴾ وأراد به أهل عصر واحد، وهو قوله لبني إسرائيل: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ٤٧] يعني عالمي زمانهم (٢).
وهذِه الأقوال صحيحة على أصل من يجعله مشتقًّا من العِلْم، والذين صححوا هذِه الطريقة قالوا في جواب موسى لفرعون: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ (٣): إنه لم يشتغل بتفسير العالمين، وإنما أراد تعريفه على وجه أظهر من الأول (٤)، ليصير الخصم مبهوتًا.
وأبو إسحاق (٥) اختار الطريقة الأولى، وقال: معنى العالمين: كل ما خلق الله. قال: وقوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ كقوله ﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٦٤] (٦).
والعالم على كلا (٧) الأصلين: اسم للجمع (٨)، ولا واحد له من لفظه،

(١) بنصه في "تفسير الثعلبي" ١/ ٢٦/ ب.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٦٤، "التصاريف" المنسوب ليحيى بن سلام ص ٢٦٦، "إصلاح الوجوه والنظائر" للدامغاني ص ٣٣١.
(٣) يشير بهذا إلى ما سبق في قوله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣، ٢٤] حيث استدل بالآيتين من قال: إن العالمين: جميع المخلوقات.
(٤) هو ما ورد في الآيات قبلها حين توجه موسى إلى فرعون بقوله تعالى: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦].
(٥) الزجاج.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٨.
(٧) في (ج): (كل).
(٨) في (ج): (جمع).


الصفحة التالية
Icon