كان معنى التزقم تناول الشيء بِكُرهٍ، والزقوم ما يكره تناوله، والذي أراد الله هو شيء مرٌ كريه يكره تناوله. وأهل النار يُكرَهونَ على تناولِهِ، فهم يتزقمونه على أشد كراهيته.
٦٣ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ﴾ ذكر المفسرون وجهين للفتنة في شجرة الزقوم: أحدها: أنهم أنكروا أن يكون في النار شجرة، والنار تحرق الشجر (١). والآخر: أنهم قالوا إن الزقوم الثمر والزبد، وهذا قول قتادة ومجاهد ومقاتل (٢).
قال أبو إسحاق: فتنة أي: خبرة للظالمين، افتتنوا بها وكذبوا بكونها (٣)، فصارت فتنة لهم.
٦٤ - وقال قتادة: لما ذكر الله -عز وجل- هذه الشجرة افتتن بها الظلمة فقالوا: أيكون في النار شجرة، والنار تأكل الشجرة. فأنزل الله -عز وجل-: ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ (٤). قال مقاتل: تخرج تنبت (٥).
قوله: ﴿فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ قال قتادة: أخبرهم أن عذابها من النار إن عذبت بالنار (٦). وقال الحسن: أصلها في قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها (٧). وعلى ما قال قتادة الآية جواب لإنكارهم بل هي إخبار عن

(١) انظر: "الطبري" ٢٣/ ٦٣، "بحر العلوم" ٣/ ١١٦، "زاد المسير" ٧/ ٦٣.
(٢) لم أقف عليه عن قتادة. وانظر: "تفسير مجاهد" ص ٥٤٢، "تفسير مقاتل" ١١١ ب، وانظر: المصادر السابقة.
(٣) هكذا وردت في النسخ، وفي "معاني القرآن" ٤/ ٣٠٦ قال: وكذبوا بها فصارت.
(٤) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٤٩، "الطبري" ٢٣/ ٦٣، "زاد المسير" ٧/ ٦٣.
(٥) "تفسير مقاتل" ١١١ ب.
(٦) أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١٠/ ٣٢١٦ عن قتادة نحوه.
(٧) انظر: "البغوي" ٤/ ٢٩، "زاد المسير" ٧/ ٦٣، "مجمع البيان" ٨/ ٦٩٦.


الصفحة التالية
Icon