قال ابن عباس في قوله: ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يريد يزول ويذهب ويتغير (١)، وقال مقاتل: يتمتعون فيها قليلاً (٢)، ﴿وَالْآخِرَةُ﴾ يعني الجنة ﴿عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ خاصة لهم.
٣٦ - وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا﴾ قال أبو زيد وابن الأعرابي: عشى يعشو عَشْوًا وعُشُوًّا، إذا أتى نارًا للضيافة، وعشا يعشو، إذا ضعف بصره (٣)، ونحو هذا قال الليث، قال: والعاشية كل شيء يعشو بالليل إلى ضوء نار من أصناف الحيوان كالفراش (٤) وغيره وأنشدوا:

مَتَى تَأتِه تَعْشُو إلى ضوْءِ نارِهِ تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَها خَيْرُ مُوقِدِ (٥)
وذكر المفسرون وأهل التأويل في هذه الآية قولين:
أحدهما: أن المراد بقوله (يعش): يعم ويضعف بصره.
والآخر: أن المعنى: ومن يعرض عن ذكر الرحمن، والأول قول مقاتل وابن زيد وابن عباس في رواية عطاء وأبي عبيدة وابن قتيبة.
قال مقاتل: يقول: ومن يعم بصره عن ذكر الرحمن، يعني القرآن.
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٧٢ فقد ذكر المعنى ولم ينسبه، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس. انظر: ٤/ ٧٢.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٥.
(٣) انظر: "الصحاح" (عشى) ٦/ ٢٤٢٦، "اللسان" (عشا) ١٥/ ٥٦.
(٤) انظر: "العين" (عشى) ٢/ ١٨٧.
(٥) البيت للحطيئة من قصيدة مدح بها بغيض بن عامر بن شماس. انظر: "ديوانه" ص ٢٤٩، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢٠٤، "الصحاح" (عشا) ٦/ ٢٤٢٦، "اللسان" (عشا) ١٥/ ٥٦، "العين" (عشى) ٢/ ١٧٨، "الكتاب" ٣/ ٨٦.


الصفحة التالية
Icon