الأمر أو لجاء بالصدق. كل ذلك يذهب إليه الوهم لما فيه من التفخيم والحذف أبلغ من الذكر، لأن الذكر يقتصر على وجه والحذف يذهب فيه الوهم إلى كل وجه من وجوه التعظيم لما قد تضمنه من التفخيم.
باب البيان
البيان هو الإحضار لما يظهر به تميز الشيء من غيره في الإدراك.
والبيان على أربعة أقسام: كلام، وحال، وإشارة، وعلامة. والكلام على وجهين: كلام يظهر به تميز الشيء من غيره فهو بيان، وكلام لا يظهر به تميز الشيء فليس ببيان كالكلام المخلط والمحال الذي لا يفهم به معنى. وليس كل بيان يفهم به المراد فهو حسن من قبل أنه قد يكون على عي وفساد، كقول السوادي وقد سئل عن أتان معه فقيل له: ما تصنع بها؟، فقال: أحبلها وتولد لي، فهذا كلام قبيح فاسد، وإن قد فهم به المراد وأبان عن معنى الجواب، وكذلك ما يحكى عن باقل، والعرب تضرب به المثل في العي فتقول: أعى من باقل، وأبين من سحبان وائل، فبلغ من عيه أنه سئل عن ظبية كانت معه بكم اشتراها، فأراد أن يقول بأحد عشر، فأخرج لسانه وفرج عشر أصابعه فأفلتت الظبية من يده. فهذا وإن كان قد أكد للإفهام، فهو أبعد الناس من حسن البيان. وليس بحسن أن يطلق اسم بيان على ما قبح من الكلام، لأن الله قد مدح البيان واعتد به في أياديه الجسام، فقال: ﴿الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان﴾ ولكن إذا قيد بما يدل على أنه يعنى به إفهام المراد جاز.