بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنْ الرَحِيمْ
المُقَدِّمَةالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى مَنْهَجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ؛
«لَا يَخْفَى أَنَّ المَعْرِفَةَ بِالأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَةِ هِيَ الْخطوَةُ الأُولَى فِي فَهْمِ الكَلَامِ؛ فَمَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ مَعْنَى الأَلْفَاظِ المُفْرَدَةِ مِنَ الْقُرْآنِ أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُ التَّدَبُّرِ، وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ فَهْمُ الْجُمْلَةِ، وَخَفِيَ عَنْهُ نَظْمُ الآيَاتِ وَالسُّورَةِ، وَلَوْ كَانَ الضَّرَرُ عَدَمَ الْفَهْمِ لَكَانَ يَسِيرًا، وَلَكِنَّهُ أَكْثَرُ وَأَفْظَعُ؛ حَيْثُ يُتَوَهَّمُ اللَّفْظُ ضِدَّ مَا أُرِيدَ بِهِ، فَيُذْهَبُ إِلَى خِلَافِ الجِهَةِ الْمَقْصُودَةِ» (١).
قَالَ الرَّاغِبُ الأَصْفَهَانِيُّ: «أَوَّلُ مَا يُحْتَاجُ أَنْ يُشْتَغَلَ بِهِ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ: الْعُلُومُ اللَّفْظِيَّةُ، وَمِنَ الْعُلُومِ اللَّفْظِيَّةِ: تَحْقِيقُ الأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَةِ؛ فَتَحْصِيلُ مَعَانِي مُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ فِي كَوْنِهِ مِنْ (٢) أَوَائِلِ الْمُعَاوِنِ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ مَعَانِيَهُ؛ كَتَحْصِيلِ اللَّبِنِ (جَمْعِ: لَبِنَةٍ) فِي كَوْنِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمُعَاوِنِ فِي بِنَاءِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ نَافِعًا فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ نَافِعٌ فِي كُلِّ عِلْم مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ» (٣).
_________
(١) بِاخْتِصَارٍ مِنْ مُقَدِّمَةِ «مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ» لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الفراهي، ص٩٥.
(٢) كلمة (مِنْ) سقطت من النص المنقول. راجع: «المفردات» ت. محمد سيد كيلاني، وت. مركز الدراسات والأبحاث بمكتبة نزار الباز.
(٣) «المفردات»، للراغب الأصفهاني، ص٥٤.