المقدمة
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمن نذيرا، وبشر به المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيرًا، والصلاة والسلام على من أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.. أما بعد:
فإن كتابَ الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ فيهما العصمة من الضلالة، والسلامة من الغواية، وإليهما المفزع عند ورود الشبهات، وهما ينبوع العلم، وكلية الشريعة، وعمدة الملة.
وهما لطالب العلم كالجناحين للطائر لا يطير إلا بهما، لا يترك ما جاء فيهما لقول أحد من الأنام، ولا تأخذه في نصرتهما ملامة اللوام، بل هما أجلُّ في صدره من أن يقدِّم عليهما رأيًا فقهيًا، أو بحثًا جدليًا، أو غيرهما.
قال الإمام البخاري، رحمه الله: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنة نبيهم، ليس بينهم رأي ولا قياس (١).
وبناء على ما سبق فقد هداني الله تعالى إلى موضوع يجمع بين هذين الأصلين، ويطرق ذينك المصدرين، وهو: (التفسير النبوي: مقدمة تأصيلية، مع دراسة حديثية لأحاديث التفسير النبوي الصريح).
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية هذا الموضوع فيما يأتي:
١ - المنزلة السامية التي يتبوأها هذا الموضوع، فهو يتعلق بكتاب الله تعالى، وسنَّة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وهما المصدران الأولان في التشريع الإسلامي.
٢ - حيوية الموضوع، فهو يطرق تفسير كلام الله تعالى من سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وهذا مما يهم كل مسلم فضلاً عن طالب العلم، لأنه ما من مسلم إلا وهو يقرأ ويسمع من كتاب الله تعالى في كل يوم وليلة. قال الإمام الطبري: "إني لأعجبُ ممن قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه، كيف يلتذُّ بقراءته؟! " (٢).
(٢) نقله عنه ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ٦٣: ١٨.