سورة غافر
سورة غافر ١ ٣ ومِن مزيدةٌ أو لابتداءِ الحفوفِ ﴿يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ﴾ أي ينزهونَه تعالى عَّما لا يليق به متلبسين بحمدِه والجملة حالٌ ثانيةٌ أو مقيَّدةٌ للأُولى والمعنى ذاكرين له تعالى بوصفى جلالِه وإكرامِه تلذُّذاً به وفيه إشعارٌ بأنَّ أقصى درجاتِ العلِّيينَ وأعلى لذائذِهم هو الاستغراق في شئونه عزَّ وجلَّ ﴿وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالحق﴾ أي بين الخلقِ بإدخال بعضِهم النَّارَ وبعضهم الجَّنةَ أو بين الملائكةِ بإقامتِهم في منازلِهم على حسبِ تفاضُلِهم ﴿وَقِيلَ الحمد للَّهِ رَبّ العالمين﴾ أي على ما قَضَي بيننا بالحق وأنزل كلامنا منزلتَه التي هي حقُّه والقائلون هم المؤمنون ممَّن قُضىَ بينهم أو الملائكةُ وطى ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَن قرأَ سُورة الزُّمَر لم يقطعِ الله تعالى رجاءَهُ يومَ القيامةِ وأعطاهُ ثوابَ الخائفينَ وعن عائشةَ رضي الله عنها أنه ﷺ كانَ يقرأُ كلَّ ليلةٍ بنى إسرائيل والزمر
سورة غافر مكية وآياتها خمس وثمانون آية
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرحيم﴾
﴿حم﴾ بتفخيمِ الألفِ وتسكينِ الميم وقرئ بإِمالةِ الألفِ وبإخراجِها بينَ بينَ وبفتحِ الميمِ لالتقاءِ الساكنينِ أو نصبِها بإضمارِ اقرأْ وَنَحوِهِ ومنعُ الصرفِ للتعريف وكونِها على زنةِ قابيلَ وهابيلَ وبقيةُ الكلامِ فيهِ وفي قولِه تعالى
﴿تَنزِيلُ الكتاب﴾ كالذي سَلَفَ في آلم السجدةِ وقولُه تعالى ﴿مِنَ الله العزيز العليم﴾ كما في مَطْلعِ سُورةِ الزُّمَرِ في الوجوه كُلِّها ووجْهُ التعرضِ لنعتَي العزةِ والعلم ما ذُكرَ هناك
﴿غَافِرِ الذنب وَقَابِلِ التوب شَدِيدِ العقاب ذِى الطول﴾ إِمَّا صفاتٌ أُخَرُ لتحقيق ما فيها منَ الترغيبِ والترهيبِ والحثِّ على ما هو المقصودُ والإضافةُ فيها حقيقيةٌ على أنَّه لمْ يُرَدْ بها زمانٌ مخصوصٌ وأريدَ بشديدِ العقابِ مشدِّدُه أو الشديدُ عقابُهُ بحذف اللامِ للازدواجِ وأمنِ الالتباسِ أوْ إبدالٍ وجعلُهُ وحْدَه بدلاً كما فعَلُه الزجَّاجُ مشوشٌ للنظمِ وتوسيطُ الواو بينَ الأوليَّنِ لإفادةِ الجمعِ بينَ محوِ الذنوبِ وقبول التوبةِ أو تغايرِ الوصفينِ إذْ رُبَّما يتوهمُ الاتحادُ أو تغايرُ موقعِ الفعلينِ لأنَّ الغفرَ هو السترُ معَ بقاءِ الذنبِ وذلكَ لمن لَمْ يتُبْ فإنَّ التائبَ منَ الذنبِ كمنْ لا ذنبَ لَهُ والتوبُ مصدرٌ كالتوبةِ وقيل هُوَ جَمعُها والطَّولُ الفضلُ بترك العقابِ المستَحقِ وفي توحيد صفةِ العذابِ مغمورةً بصفاتِ الرحمة دليل سبقها


الصفحة التالية
Icon