يتقادم عهده، وكرَّر تعالى: ذكر رفع الطور عليهم؛ ليقبلوا ما في التوراة، وأمروا بالسمع والطاعة، فأجابوا بالعصيان هذا، وهم ملجؤون إلى الإيمان، أو كالملجئين؛ لأنَّ مثل هذا المزعج العظيم من رفع جبل عليهم لينشد جوابه، جديرٌ بأن يأتي الإنسان ما أُمِر به، ويقبل ما كُلِّف به من التكاليف، وإِباؤُهم لذلك، وعدمُ قبولهم؛ سببَهُ أنَّ عبادة العجل خامرَتْ قلوبهم، ومازَجَتها حتى لم تسمح قبولًا لشيءٍ من الحق، والقلب إذا امتلأَ بحبِّ شيءٍ لم يسمع سواه، ولم يُصْغِ إلى مَلاَم، وأنشدوا:
مَلأْتُ بِبَعْضِ حُبِّكَ كُلَّ قَلْبِي | فَإنْ تُرِدْ الزِيَادَة هَاتِ قَلْبَا |
ثُمَّ ختم الآيات بأنَّ الله تعالى، مطلع على قبائح أفعالهم، ومجازيهم عليها، وتبيَّن بمجموع هذه الآيات ما جبل عليه اليهود من فرط كذبهم، وتناقض أفعالهم وأقوالهم، ونقص عقولهم، وكثرة بهتهم، أعاذنا الله من ذلك، وسلك بنا أنهج المسالك
٩٧ - ﴿قُلْ﴾ يا محمد! لهؤلاء اليهود الذين زعموا أنَّ جبريل عدوٌّ لهم من بين الملائكة؛ لأنّه ينزل بالعذاب والشدّة ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ﴾ بِسَبَب نزوله بالقرآن المشتمل على سبِّهم وتكذيبهم، فليمت غيظًا؛ لأنَّ من عاداه فقد