شيء كنا نصنعه في الجاهلية، فأنزل الله هذه الآية.
قوله تعالى (١): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا...﴾ الآية. أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق سعيد، أو عكرمة عن ابن عباس قال: سأل معاذ بن جبل، وسعد بن معاذ، وخارجة بن زيد نفرًا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة، فكتموهم إياه، وأبوا أن يخبروهم، فأنزل الله فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١٥٨ - ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ﴾: اسمان للجبَلَيْنِ المعروفين بمكة في طرفي المسْعى. ﴿مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾ لا من شعائر الجاهلية؛ أي: من علامات مواضع عبادة الله تعالى الحج والعمرة، جمع شعيرة وهي العلامة؛ لأن الصفا والمروة كانا حدين وغايتين لطرفي المسعى، أو الكلام على حذف مضافٍ تقديره: إن الطواف والسعي بين الصفا والمروة من شعائر الله؛ أي: من أحكام دين الله وعبادته (٢)، ولما كان الطواف بينهما ليس عبادة مستقلة، بل إنما يكون عبادةً إذا كان بعض حج أو عمرة، بين تعالى ذلك بقوله: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ﴾؛ أي: قصد الكعبة لعبادة مخصوصة معروفة في الشرع ﴿أَوِ اعْتَمَرَ﴾؛ أي: أو زار الكعبة لعبادة مخصوصة معروفة في الشرع؛ لأن الحج لغة: القصد، والعمرة كذلك الزيارة، وفي الشرع: عبادتان معروفتان. ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ﴾؛ أي: فلا ذنب، ولا إثم على ذلك الحاج أو المعتمر ﴿أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾؛ أي: أن يدور ويسعى بينهما؛ أي: فلا إثم عليه في سعيه بين الصفا والمروة سبعة أشواط.
قال ابن عباس: كان على الصفا صنم اسمه: إساف، وعلى المروة صنم آخر اسمه: نائلة، وكان أهل الجاهلية يطوفون بهما، ويتمسحون بهما، فلما جاء

(١) لباب النقول.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية