عِقدًا وثيقًا لا تَحُلُّه شُبْهةٌ ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ قول من يتكلم بالشهادتين وقول من يتكلم بالكفر ﴿عَلِيمٌ﴾ بما في قلب المؤمن من الاعتقاد الطاهر، وما في قلب الكافر من الاعتقاد الخبيث، أو يقال: والله سميعٌ لدعائك يا محمَّد، عليمٌ بحرصك على إسلام أهل الكتاب؛ وذلك لأن رسول الله - ﷺ - كان يحِبُّ إسلام أهل الكتاب من اليهود الذين كانوا حول المدينة، وكان يسأل الله تعالى ذلك سِرًّا وَعلَانِيَةً.
٢٥٧ - ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أي: الذين أرادوا أن يؤمنوا؛ أي: ناصِرُهم، ومعينُهم، ومحبُّهم، ومتولي أمورهم، وهِدَايتهم؛ كعبد الله بن سَلَام وأصحابه ﴿يُخْرِجُهُمْ﴾ بلطفه وتوفيقه ﴿مِنَ الظُّلُمَاتِ﴾؛ أي: من ظلمات الكفر والضلالة، واتباع الهوى، وقبول الوساوس والشُّبه المؤدية إلى الكفر. وجُمِعَتْ ﴿الظُّلُمَاتِ﴾ لاختلاف أنواع الضلالات ﴿إِلَى النُّورِ﴾؛ أي: إلى نور الإيمان والهداية، ووُحِّد النور؛ لأن الإيمان واحدٌ لا يتنوع.
وقال الواقدي (١): كلُّ شيءٍ في القرآن من الظلمات والنور.. فإنه أراد به: الكفر والإيمان، غير التي في الأنعام، وهو: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ فإنه أراد به: الليل والنهار.
وقال الواسطي: يخرجهم من ظلمات نفوسهم إلى آدابها؛ كالرضا والصدق والتوكل والمعرفة والمحبة.
وقال أبو عثمان: يُخرجهم من ظلمات الوَحْشة والفرقة إلى نور الوصلة والإلفة.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أي: والذين صَمَّموا على الكفر أمرَهُم، ككعب بن الأشرف وأصحابه. ﴿أَوْلِيَاؤُهُمُ﴾؛ أي: ولاة أمورهم. ﴿الطَّاغُوتُ﴾؛ أي: الشياطين، وسائر المضلين عن طريق الحق. وقرأ الحسن شذوذًا: ﴿الطواغيت﴾ بالجمع. ﴿يُخْرِجُونَهُمْ﴾ بالوساوس وغيرِها من طرق الإضلال، وأتى بضمير الجمع؛ لأن الطاغوت في معنى الجمع. ﴿مِنَ النُّورِ﴾ الفطري؛ أي: الذي جُبل