الشرقية المحسوسة لنا قسرية؛ كتحريك الماء النملَ على الرحى إلى غير جهة حركة النمل، فقال: إن ربي يحرك الشمس قسرًا على غير حركتها، فإن كنت ربًّا فحرِّكْها بحركتها فهو أهون ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾؛ أي: تحير نمروذ وسكت بغير حجة، فبقي مغلوبًا لا يجد للحجة مقالًا، ولا للمسألة جوابًا، ولم يقل: فبهت الذي حاج؛ إشعارًا بأن تلك المحاجة كُفْر.
قراءة الجمهور (١): ﴿فبُهت﴾ مبنيًّا للمفعول، والفاعل المحذوف إبراهيم؛ إذ هو المناظِر له، فلما أتى بالحجة.. بهته بذلك وحيره وغلبه. ويحتمل أن يكون الفاعل المحذوف المصدرَ المفهوم من ﴿قَالَ﴾؛ أي: فحيره قول إبراهيم وبهته. وقرأ ابن السميفع شذوذًا: ﴿فبَهت﴾ بفتح الباء والهاء، والظاهر أنه متعدٍّ كقراءة الجمهور مبنيًّا للمفعول؛ أي: فبهَتَ إبراهيمُ الذي كفر، فـ ﴿الَّذِي﴾ في موضع نصب، وقيل المعنى: فبهَتَ الكافرُ إبراهيمَ، أي: سَبَّ وقذف إبراهيم حين انقطعت الحجة، ولم تكن له حيلة. ويحتمل أن يكون لازمًا، ويكون الذي كفر فاعلًا، والمعنى فبهت؛ أي: أتى بالبهتان وقرأ أبو حيوة شذوذًا: ﴿فبَهُت﴾ بفتح الباء وضم الهاء، وهي لغة في بَهِت بكسر الهاء، وقرىء شذوذًا أيضًا فيما حكاه الأخفش ﴿فبهِت﴾ بكسر الهاء.
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ أنفسهم بالكفر إلى طريق الحجة؛ أي: لا يلهمهم الحجة والبيان في مقام المناظرة والبرهان. بخلاف أولياؤه المتقين. قيل وعنى بالظالمين: نمروذ، ولكن الظاهر العموم، والذي يظهر أن هذا إخبار من الله بأن من حَكَم عليه وقضى بأن يكون ظالمًا، أي: كافرًا، وقدَّر أن لا يسلم، فإنه لا يمكن أن تقع هداية من الله له ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)﴾.
٢٥٩ - ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ قرأ الجمهور ﴿أَوْ﴾ ساكنة الواو. قيل ومعناها التفضيل، وقيل التخيير في التعجيب من حال من ينشأ منهما. وقرأ (٢) أبو
(٢) البحر المحيط.