﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا﴾ ما نهيتم عنه من ضرار الكاتب والشهيد، أو من ضرار صاحب الحق ومن عليه الحق؛ أي: وإن تضاروا ﴿فَإِنَّهُ﴾؛ أي: فإن الضرار ﴿فُسُوقٌ﴾؛ أي: خروج عن الطاعة ومأثم ملتبس ﴿بِكُمْ﴾ ولاحق بكم ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ أي: خافوا عقاب الله، واحذروه فيما نهاكم عنه من المضارة وغيرها، أو المعنى: واتقوا الله في جميع أوامره ونواهيه. ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ ما يكون إرشادًا واحتياطًا لكم في أمر الدنيا، كما يعلمكم ما يكون إرشادًا لكم في أمر الدين ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من مصالح الدنيا والآخرة ﴿عَلِيمٌ﴾، فلا يخفى عليه شيء من أحوالكم. وكرر لفظة (١) ﴿اللَّهُ﴾ في الجمل الثلاث لاستقلالها؛ فإن الأولى: حث على التقوى، والثانية: وعد بإنعامه، والثالثة: تعظيم لشأنه؛ ولأنه أدخل في التعظيم من الكناية، وهذا آخر آية الدين، وقد حث الله سبحانه وتعالى فيها على الاحتياط في أمر الأموال؛ لكونها سببًا لمصالح المعاش والمعاد.
٢٨٣ - و ﴿على﴾ في قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ﴾ بمعنى: في، أو بمعنى: إلى؛ أي: وإن كنتم مسافرين، أو متوجهين إلى السفر، وتعاملتم بالمداينة ﴿وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا﴾ أو آلة الكتابة في سفركم ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾؛ أي: فالوثيقة رهان مقبوضة، أو فرهان مقبوضة بدل من الشاهدين والكتابة، أو فليكن بدل الكتابة رهان مقبوضة يقبضها صاحب الحق وثيقة لدينه. قال أهل العلم: الرهن في السفر ثابت بنص التنزيل، وفي الحضر بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ كما ثبت في "الصحيحين": أنه صلى الله عليه وآله وسلم: رهن درعا له من يهودي.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿كَاتِبًا﴾ بالإفراد. وقرأ أُبيٌّ ومجاهد وأبو العالية شذوذًا: ﴿كتابًا﴾ على أنه مصدر، أو جمع كاتب كصاحب وصحاب، ونفي الكاتب يقتضي نفي الكتابة، ونفي الكتابة يقتضي أيضًا نفي الكتب.
(٢) البحر المحيط.