وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا به أو يتكلموا به" وفي رواية: "ما وسوست به صدورها" متفق عليه.
﴿فَيَغْفِرُ﴾ بفضله ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ المغفرة له ﴿وَيُعَذِّبُ﴾ بعَدْله ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ تعذيبه، وقد يغفر لمن يشاء الذنب العظيم، وقد يعذب من يشاء على الذنب الحقير لا يُسأل عما يفعل. ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ شاءَه من المحاسبة والمغفرة والتعذيب وغيرها ﴿قَدِيرٌ﴾؛ أي: قادر.
وقرأ ابن (١) عامر وعاصم ويزيد ويعقوب وسهل: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ بالرفع فيهما على القطع والاستئناف على أن يجعل الفعل خبر مبتدأ محذوف؛ أي: فهو يغفر. وقرأ باقي السبعة: بالجزم عطفًا على الجواب، وقرأ ابن عباس والأعرج وأبو حيوة شذوذًا: بالنصب فيهما على إضمار: أن، فينسَبِك منها مع ما بعدها مصدر مرفوع معطوف على مصدر متوهم من الحساب تقديره: يكن محاسبة فمغفرة وتعذيب، وهذه الأوجه قد جاءت في قول الشاعر:

فَإنْ يَهْلِكْ أَبُوْ قَابُوْسَ يَهْلِكْ رَبِيْعُ النَّاسِ وَالشَهْرُ الْحَرَامُ
وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ أَجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سِنَامُ
يروى بجزم: ونأخذ، ورفعه ونصبه.
وقرأ الجعفي وخلاد وطلحة بن مصرف شذوذًا أيضًا: ﴿يغفر لمن يشاء﴾، ويروى أنها كذلك في مصحف عبد الله، قال ابن جني: هي على البدل من ﴿يُحَاسِبْكُمْ﴾؛ فهي تفسير للمحاسبة. انتهى. قيل: وليس بتفسير بل هما مترتبان على المحاسبة.
٢٨٥ - ﴿آمَنَ الرَّسُولُ﴾؛ أي: صدق الرسول محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾؛ أي: بأن هذا القرآن وجملة ما فيه من الشرائع والأحكام منزلٌ عليه
(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon