الخلق، وكانت الآيات السابقة في الكفار، فنهوا عن موالاتهم، وأمروا بالرغبة فيما عنده وعند أوليائه دون أعدائه؛ إذ هو تعالى مالك الملك.
أسباب النزول
٢٦ - قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ...﴾ روى (١) الواحد عن ابن عباس وأنس بن مالك - رضي الله عنهما -: أنه لما افتتح رسول الله - ﷺ - مكة.. وعد أمته مُلك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود: هيهات هيهات، من أين لمحمدٍ ملك فارس والروم، هم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمدًا مكة والمدينة حتى يطمع في ملك فارس والروم؟!، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله - ﷺ -: سأل ربه عز وجلّ أن يجعل ملك فارس والروم في أمته، فأنزل الله هذه الآية، وقيل: إن اليهود قالوا: والله لا نطيع رجلًا جاء بنقل النبوة من بني إسرائيل إلى غيرهم فنزلت هذه الآية.
وروي (٢) أنه - ﷺ -: لما خط الخندق في عام الأحزاب، وقطع لكل عشرة أربعين ذراعًا، وأخذوا يحفرون.. خرج من بطن الخندق صخرة كالتل العظيم، لم تعمل فيها المعاول، فوجهوا سلمان إلى النبي - ﷺ - ليخبره، فذهب إليه، فجاء رسول الله، وأخذ المعول من سلمان، فلما ضربها ضربة صدعها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها؛ أي: المدينة، كأنه مصباح في جوف ليل مظلم، فكبر وكبّر المسلمون، وقال - ﷺ -: "أضاء لي منها قصور الحيرة، كأنها أنياب الكلاب، ثم ضرب الثانية فقال: أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم، ثم ضرب الثالثة فقال: أضاءت لي منها قصور صنعاء، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة على كلها، فأبشروا"، فقال المنافقون: ألا تعجبون من نبيكم يعدكم الباطل، ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم إنما

(١) المراغي.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon