الالتفات إليها، وعن توقع المجازاة عليها، وفي هذا الأمر تأكيد للنهي عن طاعة أهل الكتاب، وقيل: هو ألا تأخذه في الله لومة لائم، ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه.
وقال قتادة، (١) والسدي، وابن زيد، والربيع: هي منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ أمروا أولًا بغاية التقوى حتى لا يقع إخلال بشيء، ثم نسخ، وقال ابن عباس، وطاووس: هي محكمة، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ بيان لقوله: و ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ وقال ابن عباس: المعنى: جاهدوا في الله حق جهاده. وقال (٢) الماتريدي، وفي حرفِ حفصةَ ﴿واعبدوا الله حق عبادته﴾ ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾؛ أي: ولا يأتينكم الموت إلا وأنتم ملتبسون بالإسلام، أي: (٣) حافظوا على الإِسلام في حال صحتكم وسلامتكم؛ لتموتوا عليه، فيا عياذًا بالله من خلاف ذلك، والاستثناء فيه مفرغ من عام الأحوال؛ أي: ولا تموتن على حال من الأحوال إلا على حالة الإِسلام.
والخلاصة: استمروا على الإِسلام، وحافظوا على أداء الواجبات، وترك المنهيات حتى الموت. وقد جاء ولا تغيروا، ولا تبدلوا، لئلا يصادفكم الموت في حالة التغيير هذا في مقابلة قوله: ﴿يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾.
وعن جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله - ﷺ - يقول قبل موته بثلاث: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عَزَّ وَجَلَّ" رواه مسلم.
١٠٣ - ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾؛ أي: تمسكوا بدين الله الذي هو الإِسلام، أو بكتابه الذي هو القرآن، أو عهده الذي عهد به إليكم الذي هو التوحيد حالة كونكم ﴿جَمِيعًا﴾؛ أي: مجتمعين على الاعتصام والتمسك بحبل الله وعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - ﷺ - قال: "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض".
(٢) البحر المحيط.
(٣) ابن كثير.