وَأَنْتُمْ سُكَارَى...} الآية كلها.
وأخرج الطبراني عن الأسلع قال: "كنت أخدم النبي - ﷺ -، وأرحل له، فقال لي ذات يوم: يا أسلع قم فأرحل، فقلت: يا رسول الله أصابتني جنابة، فسكت رسول الله - ﷺ -، وأتاه جبريل بآية الصعيد، فقال رسول الله - ﷺ -: قم يا أسلع فتيمم، فأراني التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فقمت فتيممت ثم رحلت له".
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب: أن رجالًا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، فكانت تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم، فيريدون الماء ولا يجدون ممرًا إلا في المسجد، فأنزل الله قوله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ...﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان مريضًا، فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم يناوله، فذكر ذلك لرسول الله - ﷺ -، فأنزل الله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى...﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال (١): نال أصحاب النبي - ﷺ - جراحة، ففشت فيهم، ثم ابتلوا بالجنابة، فشكوا ذلك إلى النبي - ﷺ -، فنزلت: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى...﴾ الآية كلها.
التفسير وأوجه القراءة
٣٦ - ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى أيها الناس، بقلوبكم وجوارحكم: أي؛ أطيعوه فيما أمر به ونهى عنه، ﴿وَلَا تُشْرِكُوا﴾ شركًا جليًّا ولا خفيًّا ﴿بِهِ﴾ سبحانه وتعالى، ﴿شَيْئًا﴾ من الأشياء، سواء أكان جمادًا كالصنم، أو حيوانًا حيًّا أو ميتًا، فقوله: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أمر بالطاعة، وقوله: ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ﴾ أمر بالإخلاص في العبادة فالثاني تأسيس لا تأكيد كما قيل.
فعبادة الله (٢): هي الخضوع له، وتمكين هيبته وعظمته من النفس، والخشوع لسلطانه في السر والجهر، وأمارة ذلك: العمل بما به أمر، وترك ما

(١) لباب النقول.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon