أدركه الموت.. أخذ يصفق بيمينه على شماله ويقول: اللهم هذه لك وهذه لرسولك - ﷺ -، أبايعك على ما بايع عليه رسولك - ﷺ -، ولما بلغ خبر موته الصحابة رضي الله عنهم قالوا لبنيه: مات بالمدينة، فنزلت هذه الآية، وروي غير ذلك في سبب نزولها.
التفسير وأوجه القراءة
٩٤ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا﴾؛ أي: يا أيها الذين صدقوا الله تعالى وصدقوا رسوله محمدًا - ﷺ -، واتبعوا الأوامر وتركوا النواهي، ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ أي: إذا سافرتم وسرتم لجهاد أعداء الله تعالى وأعدائكم لإعلاء كلمته ورفعة دينه، ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾؛ أي: اطلبوا البيان والتحقق واليقين، وتأنوا في قتل من اشتبه عليكم أمره فلم تعلموا أمسلم هو أم كافر، ولا تعجلوا في قتل أحد إلا إذا علمتم يقينًا أنه حرب لكم ولله تعالى والرسول - ﷺ - وقرأ (١) حمزة والكسائي هنا في الموضعين وفي الحجرات ﴿فتثبتوا﴾ بالثاء المثلثة؛ أي: اطلبوا التثبت والباقون: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾، وكلاهما تفعَّل بمعنى استفعل التي للطلب؛ أي: اطلبوا إثبات الأمر وبيانه، ولا تقدموا عليه من غير رويّة وإيضاح.
والمراد في الآية: فتأنوا واتركوا العجلة واحتاطوا ﴿وَلَا تَقُولُوا﴾ أيها المؤمنون المجاهدون بغير تأمل وتبين ﴿لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ﴾؛ أي: لمن حياكم بتحية الإِسلام السلام عليكم ورحمة الله، أو لمن ألقى إليكم الاستسلام والانقياد بقول: لا إله إلا الله محمَّد رسول الله، الذي هو أمارة على الإِسلام، ولم يقاتلكم وأظهر أنه من أهل ملتكم ﴿لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾؛ أي: إنك لست بمؤمن حقًّا، وإنما تقوله تقية وخوفًا من السيف، فتقتلوه حالة كونكم ﴿تَبْتَغُونَ﴾ وتطلبون بقتله ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ومتاعها من الغنائم، قاصدين ماله الذي هو سريع النفاذ والزوال ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى ﴿مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ﴾؛ أي: أرزاق كثيرة ونعم لا تحصى ولا تعد، وثواب جسيم، فاطلبوها عنده تعالى

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon